الخميس 12 ديسمبر 2024

اذا القلب هوى الجزء الثاني بقلم منال سالم

انت في الصفحة 7 من 46 صفحات

موقع أيام نيوز

سلطت أنظارها المنزعجة على والدتها لتقول بإلحاح عجيب
صح يا ماما
فهمت عواطف من نظرات ابنتها جدية األة وردت بحسم
اللي تشوفه يا بني!
التوى ثغر منذر بابتسامة مغترة وهو يرد 
على بركة الله يبقى نمضي العقود دلوقتي 
تنهدت نيرمين بإرتياح لإمتثال والدتها لرغبته واستشعرت أنها حازت على نقطة ما في صالح عائلتها معهم قد تمحو أثار ما فعلته ابنة خالها التعيسة..
كما لم تفارقه نظراتها المتأملة له وظلت تتابع حركاته وإيماءاته بإعجاب واضح على محياها..
لا تعرف ما الذي يجذبها إليه تحديدا لكن رأت به كل مواصفات الشاب الشهم ذو الطباع الرجولية الحامية التي تمنت لو رأتها في طليقها السابق.
بدا حلقها جافا للغاية من فرط التوتر والخۏف.
حاولت أن تفكر بذهن صاف لتنجو ببدنها مما تورطت فيه من متاعب مقلقة مؤخرا..
حسمت أمرها بالتراجع نهائيا عن ذلك المر الرسمي فلا حاجة بها للوقوع في المزيد من المشاكل مع منذر فتهديده الأخير لها وإصراره على سلب حقها قد أخافها بصورة كبيرة..
ظنت بخطوتها تلك أنها ستؤجل انتقامه العنيد منها بل ربما تجبره على التراجع عنه.. لذلك توجهت للمخفر بعد فرارها العجيب من الصيدلية.
ولجت إلى الداخل مقتربة من أحد المخبرين المرابطين عند المدخل وسألته بتردد وهي تجاهد للحفاظ على ثبات أعصابها المشدودة
أنا كنت عملت.. مر.. من بدري ينفع أسأل عن حاجة تخصه
نظر لها المخبر بتفرس وهو يسألها بجمود
مر ايه ده وضد مين يا ست
ازدردت ريقها الجاف بصعوبة مجيبة إياه بارتباك
سړقة.. وضد.. ضد واحد اسمه منذر طه حرب!
تصلبت تعابير وجه الأخير نوعا ما فهو على صلة وطيدة به بل هو من أبلغه بطبيعة المر المقدم ضده لذلك اعتقد أن مجيئها إلى هنا الآن ربما لتستفسر عن باقي الإجراءات القانونية المتبعة بعد تقديم الشكوى الرسمية.
تعمد أن يضللها قليلا ويؤخرها لعله يكتسب المزيد من الوقت قبل أن يبلغ منذر بورها.
صاح بها بصوت جاد وهو يشير بكف يده
طب اقعدي هنا يا ست لحد ما أسألك جوا 
ابتسمت له ابتسامة باهتة وهي تهز رأسها بالإيجاب
كتر خيرك.. متشكرة!
اتجهت إلى حيث أشار وجلست على مصطبة خشبية مسنودة عند أحد الأركان و إلى جوار سيدة ما منتظرة بترقب وره إليها..
نظرت إلى من حولها بنظرات شاردة فاركة أصابع يديها بقلق.. ومع ذلك كانت تشعر براحة قليلة لتخليها عن عنادها في تلك األة..
بالفعل كان يومها مشحونا بالكثير والكثير من الأحداث التي تفوق قدرتها على التحمل وهي لا ترغب في أن تخوض مثل تلك التجارب يوميا لذا الأسلم من وجهة نظرها التراجع عما يمكن أن يضعها في مواقف متأزمة..
اختفى المخبر بالداخل ورغم هذا كان قادرا على رؤية أسيف من إحدى الزوايا الجانبية دون
أن تراه هي ومتابعتها عن كثب.
أخرج هاتفه المحمول من جيبه طالبا منذر على عجالة..
لم يجب الأخير على اتصاله المتكرر فتمتم مع نفسه بصوت مزعوج
يا ريس رد عليا! 
خرج من المرحاض مبتلا بغزارة وهو يلف حول ه منشفته القطنية.
نعم هو أفرغ شحنته الغاضبة فيها لكن لم تهدأ ثورته المشټعلة بعد..
مازالت الضغائن ضد ابن عائلة حرب متأججة بداخله ويوما بعد يوم تزداد حدتها..
صاح بصوت متحشرج وهو يزيح حبات المياه عن وجهه
ولاء! 
أمسك بفرشاة الشعر ليمشط خصلات شعره المبتل.. وأخذ يتفقد وجهه بنظرات دقيقة متأملا تلك الخدوش البائنة حول ه وعلى ذراعيه.
زفر بضيق كبير.. فتلك هي الأثار الناتجة عن تقييده من قبل رجال منذر..
أخذ يسب ويلعن بكلمات نابية وأشد حدة..
لم يأتيه ردها بعد فصاح مجددا بعصبية لاعنا إياها بغلظة
انتي يا...... مش هافضل أنادي عليكي كتير!
أزعجه تجاهلها له فتشنجت قسمات وجهه أكثر وتصلبت عروق ه وهو ينظر إلى إنعكاس صورته في المرآة..
ألقى الفرشاة بغل وخرج من غرفة النوم بخطى متعجلة وهو ينتوي التشاجر معها لكنه تجمد في مكانه بړعب كبير.
إرتجافة قوية دبت في ه حينما رأها لا تزال ممددة على الأرضية حيث تركها قبل برهة و تحاوطها بركة من الډماء الداكنة..
شخصت أبصاره بفزع وتسارعت دقات قلبه پخوف أكبر.
أفاق مازن من جموده المؤقت هاتفا بلا وعي وهو يركض ناحيتها
ولاء.!!!
يتبع الفصل التالي
الفصل السادس والثلاثون
أعدت طاولة شهية مليئة بصحون متنوعة من الطعام الذي تطيب له الأنفس فالتف الجميع حولها يتناولون إياه تمتاع واضح لمذاقه الرائع.
جلست عائلة حرب في مواجهة عائلة عواطف وترأس الطاولة الحاج طه..
لم تتركه نظراتها المتطلعة إليه على طول الوقت فقد كانت نيرمين تراقبه خلسة تدرس تفاصيله باهتمام واضح عليها.
هناك تلك الهالة الغريبة حوله والتي تجذبها بشدة إليه. فلم تستطع منع نفسها من التحديق به.
على النقيض لم يكن منذر مهتما بها أو حتى شاعرا بنظراتها نحوه بل هي لم تكن بباله مطلقا على عكسها هي التي كانت تضعه موضع مقارنة صريحة مع طليقها الأسبق.
تنهدت بعمق وهي تدس الحساء الساخن في فمها. حدقت فيه حينما أردف قائلا بجدية
بكرة بأمر الله هانسجل العقود في الشهر العقاري هاعدي عليكي الصبح يا ست عواطف عشان نخلص بدري
هزت عواطف رأسها بإيماءة موافقة وهي تقول
ماشي يا سي منذر اللي تشوفه 
أضاف الحاج طه قائلا بابتسامة إرتياح
مبروك علينا البيعة!
ردت عليه نيرمين بحماس
الله يبارك فيك يا حاج طه احنا منتأخرش عنك أؤمرنا انت بس!
الټفت ناحيتها ليقول بود
تسلمي يا بنتي!
هتفت عواطف بإمتنان
سفرة دايمة يا رب مكانش ليه لازمة التعب ده كله 
ردت عليها جليلة بود
دي حاجة بسيطة ألف هنا وشفا 
أشارت أروى بيدها قائلة
عاوزة بطاطس يا ماما
ردت عليها أمها بنبرة عادية
حاضر يا حبيبتي خدي!
ثم صاحت بجدية وهي تشير لحفيدها
كل طبقك كله يا يحيى مش كل يوم تفوض أكلك!
هتف الصغير يحيى مرددا ببراءة
أنا هاخلص أكلي كله عشان مس بسمة تتبسط مني
استدار أباه ناحيته ورد عليه تنكار
يا سلام عشان خاطر الأبلة بس!
ضيقت بسمة نظراتها نحوه وهتفت قائلة بضيق قليل من أسلوب دياب اتفز معها
شاطر يا يحيى أهوو أنا كده هاحبك أوي 
سلط دياب أنظاره عليها ونظر لها مطولا وهو يقول بنبرة ذات مغزى
وماله! هو يتحب بردك!
تجاهلت هي الرد عليه ومدت يدها في صحن الشوربة الساخن لترتشف منه القليل لكنها رأت بطرف عينها أعين دياب معلقة بها.
استمر هو في رمقها بتلك النظرات الغريبة وكأنه لا يخشى أن يمسك به أحد لتعمده فعل هذا فضيقت عيناها نحوه مستفسرة.
لم يحد بعينيه بعيدا وواصل تحديقه الغير مفهوم بها وكأنه يشير إلى شيء ما.. فنظرت إلى حيث مسلطة أعينه فوجدت كم العباءة غارقا في صحنها فتلطخ بالطعام.
شهقت مصډومة وأبعدت الكم متحرجة مما حدث.
التوى ثغره بابتسامة متسلية وأكمل تناول طعامه في صمت.
راقبت جليلة تصرفاتهما خلسة وعلى ثغرها ابتسامة عابثة نوعا ما. لكن كان عقلها يفكر في شيء ما يخصهما..
أضاف منذر قائلا بجدية
احتمال أسافر الأسبوع الجاي الشحنة جت الميناء في بورسعيد ولازم حد يوقع الأوراق ويخلص كل حاجة 
رد عليه أباه مشيرا برأسه
ماشي يا بني! اعمل اللازم!
شردت نيرمين لوهلة عقب حديثهما العملي متذكرة موقف ما مرت به.
ابتلعت غصة مريرة في حلقها وأغمضت عيناها للحظات مقاومة تدفق تلك الذكرى المحرجة إلى عقلها لكنها لم تستطع..
فما مرت به وقتها ليس بالأمر الهين...
كانت لا تزال عروسا جديدة لم يمض على زيجتها سوى شهرين حينما قرر زوجها حاتم إصطحابها لقضاء عدة أيام بتلك المحافظة كهدية لعرسهما سعدت وقتها بتلك الرحلة القصيرة وظنت أنه ربما يكون تعويضا عن ذلك الوقت البائس الذي قضته في منزل عائلته بعد ما تلقته من معاملة غير لائقة وتعنيف متواصل على توافه الأمور.
استعدت لقضاء وقتا طيبا لن يمحى من ذاكرتها. لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن حيث تفاجأت به بعد وصولهما بيوم برغبته في العودة إلى
منزلهما.
حزنت كثيرا وما زاد من قهرها أنه أجبرها على فعل شيء لا تريده.
هتفت مستنكرة طلبه
ازاي عاوزني أعمل كده ده احنا ملحقناش نقضي يومين هنا
رد عليها بجمود وهو يفرك طرف ذقنه
دي مصلحة يا نيرمين!
صاحت به بحدة وقد جن چنونها
مصلحة ايه دي بقى انت عاوزني أشتغل في التهريب ترضهالي!!!
هتف بنبرة غير مبالية
ده مش تهريب دي خدمة لواحد معرفة!
اغتاظت من رده البارد فهتف متسائلة تنكار
واشمعنى أنا شوفلك حد تاني غيري 
أجابها حاتم بنبرة جافة
عشان انتي واحدة ست محدش هايشك فيكي وهاتعرفي تعدي من الجمرك من غير ما حد يمسكك!
حدجته بنظرات مستشاطة وردت عليه بصوت محتقن
وافرض اتمسكت ساعتها أروح أنا في داهية
عشان صاحبك ده! وطبعا إنت وقتها ولا هتعرفني!
ابتسم ابتسامة صفراء وهو يرد ببرود
إن شاء الله مش هايحصل وبعدين يا ستي احنا هنطلع بمصلحة حلوة من الخدمة دي وكله عشانا يا نيرمو!
نظرت له شزرا قائلة بحدة
لأ عشانك انت أنا مش هستفاد حاجة خالص غير الپهدلة وقلة القيمة!
ثم لوت ثغرها بامتعاض كبير وهي تضيف
وبعدين عيب عليك ده أنا مراتك ترضهالي!
تجمدت تعابير وجهه وقست نظراته وهو يرد عليها بغلظة
وأنا جوزك ولازم تسمعي كلامي يا مدام 
كټفت ساعديها قائلة بإعتراض جلي
لأ مش هاعمل كده!
اغتاظ من رفضها الصريح فأمسك بها من شعرها جاذبا إياها پعنف وصائحا بنبرة قاسېة
ڠصب عنك هاتعملي ده!
ثم قبض بكفه الأخر على فكها واعتصره بقوة قائلا من بين أسنانه المضغوطة
ولا تحبي أصبحك بعلقة زي كل يوم.. شكلك نسيتي لما بأزعل بأعمل ايه!
نظرت إليه پخوف كبير فهي تعلم جيدا أنه حينما تثور ثائرته ويفقد أعصابه ينهال عليها بكل قوته محطما عظامها.
تأوهت من عنفه المفرط معها فصړخت مستغيثة
آآآه خلاص هاعمل اللي انت عاوزه
تعمد الضغط أكثر على فكها ليسبب لها الۏجع الشديد وتابع قائلا بتحذير
يكون أحسنلك يا مدام!
ثم أرخى قبضتيه عنها دافعا إياها للخلف بقسۏة.
حدجته بنظرات مشټعلة متمتمة من بين ها پقهر
حسبي الله ونعم الوكيل فيك!
في اليوم التالي كانت نيرمين تلف حول ها لفافات من الثياب المهربة بطريقة معينة كي تتمكن من إخراجهم من الجمرك دون أن يشك بها أي أحد ارتدت من فوقهم عباءة فضفاضة بعد أن تأكدت أنه لا يبرز منها شيء ما..
حدق فيها زوجها بنظرات متفرسة ثم استطرد حديثه قائلا بجدية
دول مش كفاية 
استدارت نحوه هاتفة تنكار
قصدك ايه ده أنا ظبطهم كويس و....
قاطعها قبل أن تكمل عبارتها مرددا بصوت خشن
لأ الحبة اللي انت حاطهم دول مايعملوش حاجة خدي دول كمان 
نظرت إلى حيث أشار بعينيه فرأت ما يعادل ضعف الكمية التي تضعها حول ها.
شهقت مصډومة
كده كتير ده انت قاصد إن أنا أتمسك 
دنا حاتم منها ومد يده ناحية وجهها تراجعت برأسها عفويا للخلف متحاشية صڤعته المباغتة إن قرر فعل هذا لكنه مسح على صدغها بنعومة وهو يقول
لأ يا حبيبتي مش هايحصل وبعدين لو عملتي اللي هاقولك عليه بالحرف محدش هايجي جمبك!
نظرت له بتوسل عله يتراجع عن خطته الماكرة تلك لكنها كانت تخاطب قلبا من صخر لم يشعر بها ولم يعبأ بحجم المخاطر التي يمكن أن تتعرض

انت في الصفحة 7 من 46 صفحات