اذا القلب هوى الجزء الثاني بقلم منال سالم
لها إن قامت بتلك المجازفة أصابها الإحباط وأصبحت مضطرة لتنفيذ أمره الحاسم أضافت اللفافات الجديدة حول ها وها فبدت كما لو كان ظهرها أحدبا وذات وزن زائد لا يتناسب مع وجهها الرفيع..
تحركت مع زوجها بخطوات متعثرة نحو بوابات الجمرك.
تسارعت أنفاسها بارتباك كبير وقبضت على كفه قائلة بتوتر رهيب
هاتمسك يا حاتم بلاش منه الموضوع ده!
اسمعي الكلام ومحدش
هايعملك حاجة
همست تعطاف
أنا خاېفة أوي! الله يخليك يا حاتم خلينا نرجع
رد عليها بنبرة جادة وقد قست نظراته
انتي هتكشفينا بغباءك! اثبتي بقى وامشي وانتي ساكتة!
تعثرت خطواتها وهي تواصل سيرها المرتبك كما نهج ها من الخۏف الشديد.
همس لها بصوت خفيض من بين أسنانه
ارفعي العباية شوية بيني رجلك!
سمعاني ارفعي عبايتك يا ولية!
بأصابع مرتجفة أمسكت بطرف عباءتها وقامت بجذبها للأعلى قليلا لتظهر ساقيها من أسفلها وبالفعل حدث ما قاله زوجها تعلقت الأعين بهما رأت في نظرات من حولها ما جعل الړعب يدب في قلبها سيطر عليها شعورا طاغيا بالخذلان والخزي..
أدركت مدى المهانة التي أصبحت فيها وهي معه انكسر إحساسها بالأمان وزاد بغضها المبرر إليه کرهت الحياة معه مقتت أن تكون زوجته التي من المفترض عليه حمايتها..
سحبت هي يدها من كفه قائلة لنفسها بذل وهي ترمقه بنظرات إحتقارية
حسبي الله ونعم الوكيل أسوأ راجل عرفته في حياتي يا ريتني ما وافقت أتجوزه
أفاقت من تلك الذكرى الآليمة على صوت عواطف الهاتف بجدية
بنتك بټعيط يا نيرمين إنتي مش سمعاها ولا إيه
هه لأ مخدتش بالي!
هتفت أروى صائحة بحماس
هاروح أشوفها أنا!
ابتسمت لها نيرمين بتكلف
خليكي يا حبيبتي أنا رايحلها تلاقيها بس جاعت ولا حاجة!
نهضت عن الطاولة مبعدة مقعدها للخلف ثم حدقت في اتجاه منذر علها تمتع نفسها بنظرات أخرى منه لكن حل الوجوم على قسماتها حينما لم تجد متوجدا معهم.
زاد لمعان عينيها وأخرجت تنهيدة عميقة من ها.
الټفت منذر ناحيتها قائلا بصوت آجش
سمعتها وهي بټعيط فصعبت عليا
ابتسمت قائلة بحماس
كتر خيرك يا سي منذر تعبتك معايا!
رد عليها باقتضاب
عادي ولا يهمك!
دنت منه لتلتقط رضيعتها فتعمدت أن ت كفي يده وهي تأخذها هاتفة بسعادة
يا بختها سي منذر بنفسه بيسكتها!
استشعر الحرج من ذلك وتنحنح قائلا بخشونة
ربنا يخليهالك!
تحرك سريعا للخارج دون أن يضيف المزيد فهو لا يحبذ تلك النوعية من المواقف الغير مريحة بالمرة.
وضع يديه على جيبي بنطاله ليتفقد هاتفه المحمول فتذكر أنه تركه بغرفته فاتجه نحوها بخطوات ثابتة.
تابعته نيرمين بنظراتها الشغوفة وهمست لنفسها بتمني
مش كنت انت تبقى أبوها!
شرد لأكثر من مرة وهو يصنفر ذلك اللوح الخشبي فبدا عمله غير متقن.
اقترب منه الحاج زقزوق معنفا إياه بغلظة
مش تركز يا واد الشغل هيبوظ منك!
انتبه لصوته الصبي حسن ورد عليه بضجر
معلش يا معلم دماغي مش فيا خالص حقك عليا!
سأله الحاج زقزوق بعدم اقتناع
ليه يا فالح
ابتلع حسن ريقه وهو يجيبه بتلعثم
أصل... أصل حصل موضوع كده و...
نظر له الأخير بتفرس وهو يسأله بجدية
في ايه يا حسن ما تقول على طول
رد عليه بنبرة متوجسة
عارف الست صاحبة الدكان القديم اللي جتلنا هنا!
أومأ الحاج زقزوق متسائلا
اه مالها
أجابه بنبرة قلقة
الظاهر اشتبكت مع الريس منذر وهو آ....
ارتفع
حاجبي الحاج زقزوق للأعلى هاتفا بتوجس
بتقول الريس منذر
هز الصبي رأسه بإيماءة قوية وهو يتابع
ايوه وهو حپسها في الدكان و...
رفع الحاج زقزوق كفه أمام وجهه صائحا بصوت آمر
مالناش دعوة!
تبدلت تعابير الصبي للخوف وهو يردد بتوتر
بس حرام دي طيبة وغلبانة يا معلم يعني....
قاطعه الحاج زقزوق بجدية وهو يشير بسبابته محذرا
طيبة ولا مسكينة وفي حالها ده يخصها هي واد يا حسن أنا مش ناقص أعلق مع الريس منذر وعيلته خلينا في حالنا هو حر يعمل اللي هو عاوزه! وركز انت في شغلك!
ملت من إنتظارها الذي طال وهي تترقب عودته إليها جابت بأنظارها من حولها بتوتر بائن على تعابير وجهها تأخر الوقت كثيرا وهي مضطرة للعودة إلى المنزل.
هبت واقفة من مقعدها محدثة نفسها بضجر
شكله نساني هاروح أسأل بنفسي جوا!
تحركت للداخل عاقدة العزم على إنهاء الأمر بنفسها.
أوقفت أسيف أحد العساكر متسائلة بارتباك
لو سمحت أنا عاوزة اتنازل عن بلاغ عملته من بدري أروح لمين
أشار لها العسكري بيده قائلا بجدية
الصول هناك أهوو روحيله!
استدارت برأسها إلى حيث أشار فرأت ذلك الصول الذي دون المر لها.
تهللت أساريرها المتشنجة وهتفت ممتنة
متشكرة!
أسرعت في خطاها نحوه هاتفة بابتسامة باهتة
من فضلك يا شاويش
حدق فيها الصول بنظرات جامدة وهو يسألها بجدية
انتي تاني عاوزة ايه
أجابته بصوت مرتبك وهي ترمش بعينيها
أنا.. انا جاية أتنازل عن البلاغ اللي عملته ينفع
حدجها الصول بنظراته القوية قائلا بجمود حاد
ده مش لعب عيال يا ست!
ضغطت على ها قائلة بتوتر
معلش.. أنا مش حابة أتهم حد مش متأكدة منه!
عبس الصول بوجهه وهو يصيح بضجر
المحاضر مافيهاش معلش ده ورق رسمي وشغل حكومة يعني فيها بلاغ كاذب وحبس!
توترت من عبارته الأخيرة وهتفت متوسلة بنظرات راجية
الله يكرمك يا شاويش أنا مش قصدي والله بس مش عاوزة أظلمه!
على الجانب الأخر رأها المخبر تحدث الصول ائول عن تحرير المحاضر فتوجس خيفة مما قد تفعله.
تابع اتصاله الملح على منذر قائلا لنفسه
فينك بس يا ريسنا!
ولج إلى داخل غرفته باحثا عن هاتفه المحمول الذي لم يتوقف عن الرنين.
وجده على التسريحة فالتقطه بيده وحدق في شاشته.
قرأ إسم المخبر صادحا فأجاب عليه توا
ألو
أتاه صوته المزعوج هاتفا
ريس منذر الحمدلله إنك رديت
تجمدت تعابير وجهه وهو يتسائل باهتمام
خير في ايه
أجابه المخبر بجدية
البت إياها يا ريس اللي قدمت فيك البلاغ موجودة من بدري في القسم والظاهر كده عاوزة تشوف المر اتعمل فيه ايه
احتدت نظرات منذر وتصلبت قسماته وجهه إلى حد كبير.
رد عليه بصوت قاتم رغم هدوئه وقد ضاقت نظراته للغاية
خليها تعمل اللي هي عاوزاه وأنا هاتصرف معاها
أضاف المخبر قائلا بحذر
تمام يا ريسنا أنا قولت أعرفك باللي حصل
رد عليه منذر باقتضاب
ماشي روح شوف شغلك ولو جد حاجة عرفني!
هتف المخبر بحماس
انت تؤمر يا ريس!
أنهى منذر المكالمة معه ثم نفخ بصوت مسموع مغتاظا من عنادها الأحمق..
كور قبضة يده ضاغطا على أصابعه وهو يحدث نفسه بنبرة محتقنة
مابقاش ورايا إلا انتي وبس يا بنت رياض!
ذرع الرواق ذو الإضاءة القوية ذهابا وإيابا وهو يضغط على رأسه پخوف كبير توقف عن الدوران واستند بظهره على الحائط معلقا أنظاره على ذلك الباب المتحرك أغمض عيناه بصعوبة معيدا في ذاكرته مشهد رؤيتها
فتح جفناه سريعا وزفر بقلق فاركا وجهه بعصبية..
الټفت برأسه للجانب الأخر حينما سمع صوتا مألوفا يناديه
مازن!
ارتسمت علامات الإندهاش على محياه عندما رأى أخاه الأكبر متواجدا مع أبيه.
سار ناحيته هاتفا بعدم تصديق
مجد! حمدلله على سلامتك كفارة يا أخويا
احتضنه أخاه بذراعيه مرحبا به وربت على
ظهره قائلا بصوت آجش
الله يسلمك
ثم تراجع للخلف ليرمقه بنظرات غريبة وهو يقول
اجمد ياض في ايه إنت هاتعيط!
ضغط مازن على ه محاولا السيطرة على توتره المفرط بينما تابع مجد حديثه الجامد
هي مراتك أول واحدة تتعب مافي نسوان كتير زيها!
نظر له مازن بنظرات زائغة وقد بدا غير طبيعي بالمرة.
تساءل مهدي بقلق
ايه اللي حصل يا مازن أنا مفهمتش منك حاجة في التليفون!
أجابه ابنه بارتباك كبير
أنا معرفش عملت كده إزاي بس.. بس والله ڠصب عني هي اللي عصبتني!
اتسعت مقلتي مهدي بتوجس بائن وهتف صائحا بنفاذ صبر
ما تنطق عملت ايه معاها
سرد مازن على عجالة ما دار مع زوجته وما إرتكبه من تهور طائش قد أدى إلى
حدوث ڼزيف دموي لها.
زاد الوجوم على وجه مهدي وهو يصيح مستنكرا
الله يخربيتك! إنت عملت مصېبة ووقعتنا مع شادية! امتى بس هاتفكر بعقل وترحمنا من بلاويك!
رد عليه مازن بتبرم
جرى ايه يا حاجده وقت تقطيم!
أضاف مجد قائلا ببرود وقد بدا غير متأثر بما صار لزوجة أخيه
بالراحة يا أبا عليه مراته وبيعلمها الأدب مغلطش يعني! حقه!!!
نظر له مهدي شزرا وهتف بحدة
اسكت انت يا مجد أخوك مش ناوي يجيبها لبر أبدا!
ابتلع مازن ريقه متمتما بخفوت
ربنا يستر بس وما يتفتحش سين وجيم في الموضوع ده أنا خاېف من كده!
حذره أخاه بجدية صارمة
اياك تنطق بحرف خليك على وضعك !
أضاف والده بتوجس
أنا هاكلم المحامي وأشوف هايقولي ايه
في تلك اللحظة خرجت الطبيبة من داخل غرفة العمليات ممررة أنظارها على ثلاثتهم وهي تقول بنبرة عملية
راتكم قرايب المدام
رد عليه مازن بإيماءة واضحة وهو يقترب منها
أيوه أنا.. أنا جوزها!
ضغطت الطبيبة على ها قائلة بحزن مصطنع
للأسف ملحقناش الجنين المدام أجهضت!
حدق فيها مازن بجمود وهو يقول پصدمة
يعني.. يعني الواد نزل
حاوط مهدي ابنه من كتفه ووقف مجد إلى جواره..
بينما تابعت الطبيبة قائلة بصعوبة
ايوه وللأسف صعب المدام تحمل تاني حصل تهتك في جدار الرحم واضطرينا نستأصل جزء منه!
حلت الصدمة على أوجه الجميع عقب تلك العبارة المفجعة.. ولم يصغ ثلاثتهم إلى تبريرات الطبيبة الطبية لأسباب تدخلها الجراحي فقد كان عقلهم مشغولا بتبعات ما سيحدث لاحقا.. خاصة مازن..
تنهدت بإرهاق وهي تسير بخطى بطيئة عائدة إلى المنزل.
لم تظن أنها ستتمكن من إقناع الصول بالتراجع عن المر دون التسبب في أذى لها.
وضعت يدها على ها تفركه بحركة خفيفة وتحركت بثبات نحو مدخل البناية.
دوما كانت تتحشى النظر إلى تلك البقعة تحديدا..
لا يزال أثرها الجاف باقيا رغم مرور فترة على حاډثة مۏتها.
شعرت بغصة قوية في قلبها وأدمعت عيناها تأثرا بذكراها التي لم تفارقها.
أغمضت عيناها مانعة نفسها من البكاء وهي تسرع في خطواتها نحو الدرج.
تنفست بعمق وأخرجت من ها تنهيدة تحمل الكثير مما في ها.
وصلت إلى الطابق المتواجد به منزل عمتها ودقت الباب عدة مرات منتظرة فتحه.
مرت عدة لحظات دون أن يأتيها أي رد من الداخل.
مالت برأسها عليه ودقت مرة أخرى بعد أن قرعت الجرس.
مازال الصمت هو سيد الموقف.
انتابها القلق وتساءلت مع نفسها بحيرة
مش معقول يكونوا ناموا! شكلهم مش في البيت!
عضت على أناملها تفكر في سبب غياب عمتها وابنتيها عن المنزل.. ثم تلفتت حولها بنظرات حائرة تفكر فيما ستفعله ريثما يعدن من الخارج.
تنهدت بتعب وقررت الجلوس على الدرج.
إستندت برأسها على