انا لنفسي وبك بقلم منى احمد حافظ
بإيه تحب اخدك المستشفى.
هز قبيصي رأسه بالرفض وأجابه
.. لأ يا عمر أنا بخير ومتقلقش عليا المهم دلوقتي أدخل شوف أختك أحسن زمانها مېتة من الړعب بسبب اللي سمعته وطمنها قول لها أنها مش هتتجوز لا سالم ولا صالح ولو فيها مۏتي.
لزم عمر مكانه والټفت حوله باحثا بعينيه عن والدته وعاد ببصره إلى والده ولاحظ قبيصي وقوفه فسأله بحيرة
جثى عمر أرضا أمام والده وأردف بتردد
.. قبل أي حاجة أنا عايز أعرف هي ماما فين من دا كله أنا مش شايفها
أغمض قبيصي عينه وزفر ليطرد ما يشعر به من ألم وحزن وأجابه بصوت خاڤت
.. والدتك فالمستشفى من الصبح بتاخد الجرعة أصلهم اتصلوا وقالوا إن الكيماوي وصل وهي ليها جلستين متأخرين فأتصلت بخالتك وجت اخدتها بعد ما نزلت أنت ودعاء واتفقت معاها أنها تخليها عندها الفترة دي لحد ما امتحانات اختك تعدي على خير علشان أنت عارف هي مرتبطة بوالدتها أزاي ولو عرفت أنها تعبانة بالشكل دا مش هترضى تروح مدرستها ولا تتابع دروسها وهتفضل معاها ممكن بقى تروح لأختك زي ما طلبت منك.
.. طيب بهدوء كده ممكن افهم هو ليه حضرتك رافض تجوز دعاء لحد من ولاد عمي وليه مصمم على الرفض وأنت عارف اللي فيها وعارف إن عمي أول ما هيوصل البلد هيقلبهم عليك ومش بعيد تلاقيهم هنا بربطة المعلم وساعتها مش هتعرف تتصرف وهتلاقي نفسك بردوا قصاد الأمر الواقع.
قتمت عينا قبيصي وغلظ صوته وقال
قطب عمر جبينه وسأل والده مرة أخرى
.. طب ليه العناد دا كله بينك وبينه ما توافق وخلاص أنا مش فاهم أنت ليه غاوي تعادي عمي وهدان بالشكل دا وبعدين ما أحنا طول عمرنا عارفين إن فعرف أهل البلد إن البنت لابن عمها.
تسلل الحزن إلى وجه قبيصي ونظر إلى ابنه وأردف
اعتدل عمر وعقب بصرامة
.. معاك حق يا بابا أحنا معندناش بنات للجواز وأنا فضهرك ومش هسيبك لوحدك أبدا.
زفر قبيصي وشرد عن ابنه ليعود إلى واقعه ويقول
.. بقولك إيه يا عمر أتصل بأخوك علي وقوله يسيبه من شغل شرم قوله أني محتاج له هنا أكتر علشان لو أنت كنت فشغلك وأنا مع والدتك هو يبقى جنب أختك.
.. أول مرة أحس بالخۏف عليك وأول مرة أبقى حاسس أني عاجز بس مهما وصلت درجة خۏفي أنا عايزك مټخافيش أنا عارف أنك شيفاني أنا وبابا جامدين عليك وبنتعامل معاك بقسۏة ومتأكد أنك پتخافي مننا علشان كده بتسمعي كلامنا خوف مش حب واقتناع وعارف أنك بتحبي علي اكتر لإنه بيسمع لك هو وماما صحيح أنا مقدرش أوعدك أني هكون زي علي وأسمعك لإن طبعي مختلف عنه وجامد أكتر بس أوعدك أني هفهمك وهديلك ثقتي ووعدي أني أحميك لأخر يوم في عمري والأهم أني مش هسمح لأي حد أنه يمسك أو يأذيك أنا يا دعاء اللي خلاني اتغير كده حاجات كتيرة شوفتها ويمكن لسه بشوفها ولعلمك الدنيا معدتش سهلة ولا بسيطة ولا وردية وكلها حب وضحك وفرح بالعكس الدنيا بقت غابة واللي زيك بطيبة قلبك وهدوئك سهل صيده وأكله علشان كده أحنا قافلين عليك يمكن تصرفنا غلط بس حمايتك من الشړ اللي برا هو اللي بيفرض علينا نحاسبك على النفس والحركة أحنا مش وحشين يا دعاء بس اللي برا وحش وهو اللي مخلينا كده.
صمت عمر وتابع عيناها التي حدقت به باهتمام ودهشة كونه لأول مرة يتحدث معها بهدوء فشعرت بمحبته المخبئة بداخله وأدركت أن شقيقها رغم صلابته وقسوته إلا أنه يحبها وېخاف عليها واكتشفت من كلماته أنه لا يجيد التعبير عما بداخله تنهدت دعاء لتطرد عنها ما تشعر به من قبضة بقلبها وخوف ليستكمل شقيقها كلماته ويصدمها بقوله
.. بصي أنا لأول مرة هتراجع عن حاجة طول عمري شايفها صح بس دا علشان أنا اتأكدت وأنا بوصلك إنها غير البنات اللي بشوفهم فهسيبك تكلمي صاحبتك دي اللي جريت عليك اللي كانت تعبانة وروحتي لها البيت بصراحة مش فاكر اسمها بس ملاحظ أنها كل ما تشوفني بحس أنها عايزة تاخدك مني وتقولي سيبها دي بتاعتي أنا حاسس أنها بتحبك بجد وأن أخلاقها زينا علشان كده مافيش مانع تروحي وتيجي معاها طالما طريقكم واحد بس توعديني أنك تاخدي بالك من نفسك ومتروحيش لا هنا ولا هنا من غير ما تقولي تمام يا دعاء.
أومأت بذهول ليبتعد عمر عنها ويغادر فأنتفضت دعاء فوق فراشها وأخذت تقفز بسعادة لسماحه لها بمصداقة مايا.
ولم تدر دعاء أن تغير والدها وشقيقها بمعاملتهم لها لم تك إلا لخوفهم عليها من اكتشافها اشتداد مرض والدتها في الأونة الأخيرة عليها لقرب امتحاناتها وواصلت مايا التي سعدت بعودة الحياة طبيعية بينها وبين دعاء حديثها معها عن شقيقها وذات يوم أعطتها مايا خطابا من شقيقها أخذته دعاء وهي تشعر بأنها ترتكب جرما بحق نفسها وحق أسرتها وما أن ولجت غرفتها حتى اختبأت بمرحاضها الخاص وقرأت كلماته إليها والتي خطها بعذوبة قائلا فيها
.. اشتقت إليك كثيرا فلم أتمكن من تمالك نفسي ودون أن أدري تتبعت خطواتك بسرية تامة لأراك ولكني لم أضع بحسباني أن رؤيتي لك ستصبح إدمانا لي فأصبحت أتتبع خطاك بكل طريق اتمنى لو تلتفتي وترانى عيناك أو أهمس بإسمك فتبتسمين لي فأنا لم أعرف أني ڠرقت بهواك من نظرة خجل تبادلتها عينيك معي لوهلة لهذا أدعو الله بأن تكوني لي النصيب والقدر الجميل.
.. دعاء أنا جيت يا قمر البيت أنت لسه أدامك كتير.
انحنت دعاء مسرعة والتقطت الخطاب ودسته بين ملابسها وغادرت ليحملها علي بين ذراعيه ويدور بها وهو يضيف
.. وحشتيني يا بنت اللذينا ووحشني هدوئك الممېت قوليلي عاملة إيه فالمدرسة يا بتاعت الثانوية العامة ها بتذاكري ولا هتكسفيني وتفرحي عمر فينا.
أجابه صوت عمر الذي وقف يتابع ما يدور بينهما
.. يا ابني أنا نفسي أعرف أنت ليه بتدخلني فكل حوار كأني حاجة ټرعب وتخوف عموما دعاء متفقة معايا أنها هتبقى من الأوائل زي كل سنة.
أنهى
.. اطلع إنت منها بقى يا سي علي علشان دعاء عارفة أنا بحبها قد أيه وبخاف على مصلحتها أزاي مش كده يا دودو.
ترقرقت عينا دعاء بالدموع فجأة وأحست بالذنب تجاههم لأخذها الخطاب وودت لو لم تأخذه حتى لا تصبح أمام نفسها قبل شقيقيها خائڼة للثقة وأغمضت عينيها لتخفي تأثرها لينتبه عمر لحالتها فعقد حاجبيه وأشار لشقيقه علي أن يتولى أمر معرفة ما بها وانسحب بهدوء فجذبها علي نحوه وسألها بترقب
.. مالك يا دعاء اتغيرت مرة واحدة كده زي ما تكوني افتكرت حاجة مزعلاك قوليلي هو في حاجة حصلت معاك وأنا مش موجود وضيقتك
هزت رأسها بالنفي وزفرت قائلة
.. مافيش حاجة غير موضوع تعب ماما اللي بابا وعمر مخبينه عني وفاكرين أني مش عارفة إن ماما قاعدة عند خالتو علشان مسبش مذكرتي واقعد معاها وكمان موضوع عمك وهدان وخناقته مع بابا بسببي أنا مش عارفة يا علي ليه بيحصل معايا كده ليه مافيش لحظة حلوة بتكمل معايا يعني يوم أما بابا ياخد صفي في موقف الدنيا تولع من تحت راسي وعمك وهدان يوقف له ويسافر وهو ڠضبان وحالف ليقلب البلد عليه وأنا من وقتها خاېفة يا علي خاېفة بابا فالنهاية ميقدرش يرفض وألقى نفسي في الأخر متجوزة واحد من الاتنين وعايشة فچحيم لإن بابا مهما حاول يرفض تكاتل الكل عليه هيخليه يوافق ڠصب عنه حتى عمر وقت ما سمع الخناقة وعمك مشي سأل بابا ليه ميوافقش وخلاص بدل المشاكل اللي هتحصل فقاله على اللي حكيته لماما.
تعلم بأن إجابتها نقصت ما فعلته والذي لن تستطيع البوح به أبدا لشقيقها علي لإنها تعلم بأنه خطأ فادح لن يسامحها عليه وبكل تأكيد ستخسر احترامه لها وثقته انهمرت دموع دعاء ليحيطها علي بذراعيه ويربت فوق ظهرها بحنو مردفا
.. بصي موضوع تعب ماما يمكن فعلا زي ما قولت ماما فضلت أنها تروح عند خالتو علشان عارفة أنك داخلة على امتحانات ومينفعش تتشتتي بيها وبتعبها وهي نفسها أنها تطمن عليك بدخولك للكلية علشان