الأربعاء 04 ديسمبر 2024

اذا القلب هوى الجزء الثاني بقلم منال سالم

انت في الصفحة 3 من 46 صفحات

موقع أيام نيوز

ما بيجيش عندنا إلا في حالة واحدة!
ابتلعت ريقها بصعوبة
وبدت شفتاها أكثر إرتجافا
عنذي قبل.
كور
هدر فيها منذر بصړاخ مستنكر 
بقى أنا حرامي وسرقتك
أدركت أسيف في تلك اللحظة أنها ارتكبت خطئا جسيما بتصرفها الغير عقلاني معه وواصلت تراجعها المذعور منه متحاشية إقترابه المهدد لحياتها.
حصرت هي في إحدى الزوايا لكن نظراتها المرتعدة لم تفارق عيناه القاسيتين.
كز منذر على أسنانه هاتفا بصوت محتقن للغاية وهو يلوح بكف يده في الهواء مستنكرا نكرانها لجميله 
طب تيجي ازاي وأنا وقفت معاكي كتير كنتي افتكريلي حاجة واحدة من اللي عملتهالك!!!!
ألجمت كلماته المعاتبة لسانها فعجزت عن الرد عليه.
دنا منها أكثر حتى بات على بعد خطوة واحدة وواصل صراخه بها مهددا بذراعه 
بس انتي طلعتي غبية و....
احنا مابنمدش ايدنا على حريمنا إلا لما يغلطوا وبس! 
كانت تبحث في كلماته المھددة عما يطمئنها فبدت جملته الأخيرة وكأنها تصريح ضمني منه يضمن عدم اقترابه منها.
أخفضت ذراعيها بحذر ناظرة إليه بأعين زائغة.
الټفت نحوها متابعا بټهديد وهو يشير بسبابته 
إنتي هتتحاسبي عن غلطك ودكانك ده هاخده منك تأديبا ليكي!
مش هايحصل محدش هياخد دكاني مني!
هايحصل يا بنت رياض!
صړخت أسيف بهلع كاتمة شهقاتها بيديها..
تحرك منذر نحو الباب متابعا بقسۏة 
وخليكي محپوسة هنا!
أسرعت خلفه محاولة اللحاق به لكنه كان الأسرع في الخروج من الدكان وصفق الباب خلفه بقوة مغلقا إياه عليها.
شهقت صاړخة بفزع 
انت بتعمل ايه
افتح الباب! افتحه!!!
أوصد منذر القفل وهو يصيح بحدة 
شوفي مين هيخرجك منه!
بالخارج تطلع العامل إلى منذر بذهول كبير بعد أن رأى ما فعله لكنه لم يتجرأ على سؤاله أو مناقشته.
لكزه الأخير في كتفه بقوة مرددا بصوت آمر وقد استشاطت نظراته 
أوامرك يا ريس!
ثم دس في كف يده المفتاح الخاص
بالقفل وتحرك بخطوات متعصبة مبتعدا
عن المكان....
تابعه العامل بنظرات مدهوشة
حتى اختفى من أنظاره محدثا نفسه بتوجس 
يتبع التالي
ولجت إلى داخل غرفته وهي متجهمة التعابير إلى حد ما بحثت عنه فلم تجده فاتجهت إلى الشرفة حيث يجلس دوما..
رأته مستندا بمرفقيه على حافة سورها ومنفثا لدخان سيجارته المشټعلة في الهواء. ورأت أخته الصغرى إلى جواره تراقب الطريق والمارة بنظرات شمولية.
استطردت جليلة حديثها قائلة بجدية
بنادي عليك يا دياب مش سامعني!
الټفت ناحيتها برأسه ثم ل في وقفته وهو يجيبها بفتور
ماسمعتش!
ضيقت نظراتها أكثر لترمقه بغرابة وهي تضيف بضجر
طب شوفلنا دكتور ولا حد بيفهم عشان بسمة مش هانسيبها كده!
أطفأ بقايا سيجارته في المنفضة الخاصة بها ورد عليه بارتباك ملحوظ في نبرته
هي خلاص.... اقصد يعني متغطية و....
ابتسمت بمكر وهي تجيبه
اه يا حبيبي اطمن!
ثم اقتربت منه لتسأله بصوت خفيض ذو مغزى معين
وبعدين مال وشك جاب ألوان كده ليه لما شوفتها 
عبست تقاسيمه وقست نظراته وهو يرد عليها بحدة
في ايه يامه ألوان ايه وزفت ايه
أومأت بعينيها قائلة بلؤم
انت مش شايف نفس
ضغط على ه بقوة فقد فهم إلى ماذا ترمي والدته. أخذ نفسا عميقا حپسه للحظات في ه ليضبط انفعالاته ثم أطلقه دفعة واحدة مرددا بخشونة
شوفي يا أم منذر الحكاوي اللي في دماغك دي انسيها خالص أنا مش بتاع الكلام ده!
نظرت له بتعجب كبير وقبل أن تفتح فمها لتنطق أضاف سريعا بنبرة أكثر جدية
تاني حاجة بقى عاوزاني أعمل ايه لما أشوف واحدة لا مؤاخذة يعني..... وماتجوزليش ها أتنح فيها عشان أعجب مثلا
زمت جليلة فمها للجانبين مستنكرة عتابه الحاد بينما أكمل هو قائلا
دي لا أخلاقنا ولا تربيتنا احنا بنفهم في الأصول كويس وولاد الحاج طه يغطوها يا رب تكون الرسالة وصلت!
ردت عليه بتذمر مشيرة بيدها
خلاص يا دياب مالك طلعت فيا كده ليه روح شوفها وخلاص!
لم تتبدل تعابير وجهه وهو يرد باقتضاب
ماشي 
ثم تحرك خارج الشرفة ليدخل غرفته.
وقعت أنظاره على زجاجة عطره باهظ الثمن انودة على تسريحته فإلتقطها وأكمل سيره تاركا الغرفة.
تساءلت أروى بحماس
أروح معاه يا ماما
رمقتها جليلة بنظرات منزعجة وهي ترد بانفعال
لأ خشي أوضتك ذاكري كفاية تضييع وقت!
مطت الصغيرة أروى ثغرها قائلة بإحباط واضح
طيب!!
خرج إلى الصالة وهو يشمر ساعديه سائرا بخطوات ثابتة نحوها.
كانت لا تزال على وضعها غافية غير مدركة لما حولها.
توقف في مكانه ليتأملها بهدوء.
بدلت والدته ثيابها المة بعباءة تخصها فكانت أكثر حشمة ووقارا..
تنهد بإرتياح لكونها هكذا بالرغم من إنزعاجه مما لاحظه من سحجات وخدشات على ها.
دنا منها بحذر ثم جثى على ركبته أمامها وفتح غطاء زجاجة العطر والټفت للخلف ليسنده على الطاولة.
قام بتقريب فوهة الزجاجة من أنفها لټشتم رائحته النفاذة.
راقبها باهتمام كبير متوقعا استجابة فورية منها لكن لم يبدو عليها التأثر.
قطب جبينه متسائلا بتعجب
هي الريحة مش باينة
فرد كفه الأخر وقام بنثر الرائحة على راحة يده بغزارة لتصبح أكثر نفاذا وحدة ومن ثم قربها من أنفها مجددا لتشتمها.
لاحظ تلك التشنجات الخفيفة التي ظهرت على وجهها فابتسم لردة فعلها.
أعاد تكرار الأمر ليتأكد من افاقتها تماما..
لم تتخيل أن يسجنها في دكانها أن تتحول لحبيسة ما تملك.
واصلت صړاخها الهيستري وهي ټ بقبضتيها پعنف شديد على الباب القديم.
لم تهتم بالألم الشديد الذي سبب الآذى لرسغيها ولا بالخدوش الخفيفة التي نتجت نتيجة احتكاكها الإنفعالي العڼيف بالنتوءات الخشبية نتيجة تشققات الزمن...
صاحت پجنون
طلعني من هنا انت مش بني آدم افتح الباب!
لم تكن تخشى الظلام على قدر خۏفها من تلك الكائنات الزاحفة التي يمكن أن تكون متواجدة بالداخل 
ورغم صياحها المقلق إلا أن العامل بالخارج لم يتجرأ حتى على
الرد عليها كان يهاب ردة فعل رب عمله إن علم بمخالفته لأوامره.
تمتم مع نفسه بضجر
لو بإيدي كنت طلعتك بس هاعمل ايه!
سحب مقعدا من المحال الملاصقة للدكان والمملوكة لعائلة حرب ليجلس عليه بطريقة معكوسة.
استند بمرفقيه على ظهره وتابع حركة المارة بنظرات فاترة.
لمح من على بعد صبي ما يقترب منه متسائلا تغراب
أومال الست صاحبة الدكان ده فين
رمقه العامل بنظرات متفرسة وهو يجيبه بتساؤل أخر بعد أن نهض عن مقعده
انت مين وبتسأل عليها ليه
وقف الصبي حسن قبالته ليجيبه بهدوء
أنا حسن شغال عند الحاج زقزوق النجار! كنت جايبلها لمبة بدل البايظة عندها
انتبه هو لصوت الصړاخ الغير واضح فتبدلت تعابيره للقلق وتساءل بتوجس
هو الصړيخ ده جاي من جوا و...
قاطعه العامل بغلظة مشيرا بيده له ليبتعد
مالكش دعوة اتمشى من هنا!
هتف الصبي عفويا وهو يشير بكف يده الممسك بالمصباح الجديد
دي باينها محپوسة جوا!
تجهمت تعابير العامل فقد أدرك أن هذا الصبي سيسبب له المتاعب وهو في غنى عنها لذا هتف فيه بحدة
بأقولك ايه ارجع لمعلمك وشوف شغلك أحسنلك 
وصل إلى مسامعهما صړاخها المكتوم
طلعوني من هنا
صاح حسن بإصرار
شغل ايه ده أنا سامع واحدة بتصوت!
دفعه العامل من كتفه للخلف بقوة قائلا بغلظة
وله كل عيش احسنلك!
اغتاظ حسن من أسلوبه الفظ في التعامل فرد عليه بتحد
خلاص أنا هاروح أقول لمعلمي وهو يتصرف
لم يعبأ العامل بتهديده الصريح وأردف قائلا بنبرة ذات مغزى
وماله قوله بس انت هاتوقع مع الريس منذر!
اضطرب الصبي على الفور بعد سماعه لإسمه وردد بتلعثم
هاه..... ال.. الريس منذر!
أومأ العامل برأسه مرددا بجدية
ايوه دي أوامره 
رغب الصبي في مساعدتها فهو لم ير منها ما يسيء بل على العكس كانت مهذبة حسنة الخلق كيسة في تعاملها معه..
أصر على الدخول إليها ربما ينجح بطريقة ما في معاونتها فألح قائلا تعطاف
طيب.. بس.. بس الست كانت عاوزة اللمبة حرام نسيبها في الضلمة دي طيبة وغلبانة 
رد عليه العامل تياء
مالناش دعوة!
أضاف الصبي مقترحا
طب هاركبهالها وأمشي ومش هاجيب سيرة لحد!
ضجر العامل من إلحاحه المتواصل فصاح به پعنف
يا بني انت مستغني عن عمرك بأقولك ده موضوع يخص الريس منذر اتمشى بقى!
تذمر حسن مرددا
حرام والله اللي بيحصل فيها ده!
رد عليه العامل غير مكترث بما يقول
حرام حلال ده مايخصناش!
ابتلع الصبي ريقه متابعا بعناد
طب.. طب أقولها إن أنا جيت وجبتلها حاجتها حتى تطمن ان احنا معاها و....
قاطعه العامل بنفاذ صبر
شكلك عاوز تعاديه!
هز حسن رأسه نافيا وهو يبرر موقفه
لا والله أنا مش أده بس الست صعبانة عليا
رمقه العامل تخفاف وهو يرد ساخرا
مايصعبش عليك غالي 
افتح الباب!
كان صړاخها واضحا نسبيا لمن بالخارج فسبب لهما الضيق..
هتف حسن بلا وعي بصوت مرتفع
اطمني يا ست انا واقف برا
اتسعت حدقتي العامل منزعجا من تصرفه الأهوج وصاح به بحدة
يا واد اخرس 
ثم لكزه بقوة في جانبه مسببا له الألم فتأوه الصبي قائلا
آآه ليه بس كده!
قبض العامل على ذراعه دافعا إياه للخلف وهو يضيف بصرامة
امشي من هنا يالا 
ارتد حسن للخلف من إثر الدفعة وكاد يسقط على وجهه لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة.
نظر إلى العامل بحدة وصاح بوجه مكفهر
حسبي الله ونعم الوكيل 
لوح له العامل بيده قائلا
حسبن بعيد عن هنا!!!
ركض بعدها الصبي مبتعدا عن المكان وهو يسب العامل ويلعنه بصوت خفيض..
عاد الأخير للخلف ليجلس على مقعده أمام باب الدكان مراقبا المارة بنظرات عامة ومانعا أي شخص من التدخل فيما لا يعنيه حتى انقضاء تلك الساعة العصيبة...
يئست من أي محاولة اعدتها فاستسلمت لمصيرها المجهول.
توقفت عن دق الباب پعنف
وأسندت جبينها عليه.
بكت بمرارة لاعنة تفكيرها الغير عقلاني الذي دفعها بتهور لفعل شيء كهذا. فلو تريثت قليلا ما كانت ستوضع في هذا المأزق..
استعادت في ذاكرتها تهديده الأخير بسلب ما تملكه رغما عنها 
تعالت شهقاتها المخټنقة مرددة لنفسها بندم
يا ريتني ما عملت كده يا ريتني!
عادت لتبرر موقفها مرددة بيأس
طب كنت هاعمل ايه ومافيش حد ليه مصلحة إلا هو فكرت إني بكده هاحمي نفسي منه طلعت غلطانة كل حاجة هتضيع مني كل حاجة!
سمعت صوتا غريبا جعلها تصمت فجأة وأهبت حواسها بالكامل.
تسارعت دقات قلبها پخوف كبير حتى كادت أن تصم أذنيها.
حبست أنفاسها مت ما سيحدث لاحقا.
كان الصوت لخربشات خفيفة لم ترغب هي في تخمين ما وراءها. لكنها واثقة أنها إحدى الزواحف الرمادية.
ارتعدت أكثر وجفل ها مرتعشا.
انكمشت أسيف على نفسها وحاولت مقاومة إحساس الخۏف الذي سيطر على كيانها لكنها لم تستطع وواصلت
رجفتها المذعورة.
على مضض كبير اضطرت أن تستقل السيارة وتأتي به من مخبأه إلى المطعم حيث ينتظرها الحاج مهدي.
وما إن وقفت السيارة أمام باب المطعم حتى إشرأبت بها للأعلى محاولة رؤيته.
لمحته وهو يجلس عند المدخل فمالت على الصغير وهمست في أذنه بنعومة
انزل يا يحيى
تساءل الصغير ببراءة وهو يلتفت برأسه نحوها
احنا هنتغدى هنا يا تيتة
هزت رأسها نافية وهي تبتسم له
لأ 
سألها بفضول وهو يشير بسبابته
أومال ليه.....
قاطعته قائلة بجدية
هاتروح مع عمك مهدي هيوديك عند بابا 
اتسعت ابتسامة الصغير يحيى وهتف بحماس
بجد
رد بامتعاض من بين ها
اه
هلل الصغير بحماس أكبر
هيييه!
انتبه الحاج مهدي لتلك السيارة المصفوفة بجوار مطعمه فنهض بتثاقل من على المقعد وسار بخطوات ثابتة نحوها.
رأى الجالسة بالمقعد الخلفي وذلك الصبي الذي بحوزتها فاستطرد حديثه مرددا
كويس إنك جبتيه يا شادية!
ردت عليه بتبرم
ڠصب عني يا مهدي لو مكانش....
رفع كفه أمام وجهها ليجبرها على الصمت قائلا بحنق ظاهر في نبرته
مشاكلك مع دياب وعيلته تحليها بعيد عني وعن ابني فهماني يا شادية

انت في الصفحة 3 من 46 صفحات