حان الوصال بقلم امل نصر ( بنت الجنوب)
مروءتها أبت عليها ان تتركهم للدادة نبوية فالمسكينة لا ينقصها خلعت عبائتها السوداء وذهبت بها الى المرحاض القريب لتمسح بالماء على بقع الطعام التي طالتها من رمي الاطباق فمظهرها كان يثير الشفقة بحق.
عادت بها الى الردهة التي يوجد بها مائدة الطعام
لتلقى بنظرها سريعا ثم تسحب شهيقا مطولا وتخرجه قبل ان تستعين بالله وتبدأ في رفع الاطباق وتنظيف الارض ومائدة السفرة بعدما القت العباءة على احد المقاعد تتركها كي تجف حتى تنتهي لتعمل هي بملابسها البيتيه التي كانت ترتديها في الأسفل.
وتنهمك بعدها في التنظيف ومسح الارضية حتى انها لم تنتبه لمن عاد الى منزله تاركا الحفل في نصفه فبرغم القساوة التي تأصلت به على مر السنوات إلا ان قلبه لم يطاوعه ان يترك والدته في هذا اليوم دون ان يطمئن عليها
فتتجمد اقدامه عن التقدم يطالع شعرها الحريري الذي كان يغطي وجهها ملابسها الملتصقة بالقد الملفوف برشاقة مذهلة بنطالها البيتي المرتفع لأسفل ركبتها وتيشرت بيجامة في الأعلى
اشياء عادية غاية في البساطة ولكن عليها كانت تسلب العقل .
تلك الفتاة التي لو لم يعلم من نبوية بوجودها الان لم يكن ليعرفها ابدا وذلك للصورة ان اخذها عنها في التخفي اسفل الملابس السمراء.
كالذي اصابه الخرس ظل بوقفته مشدوها يطالعها تلك الحورية التي تحتل منزله منذ ايام عدة غافلا عنها ولا يعطيها بالا حتى يأتي اليوم فيتفاجأ بها على هذه الهيئة!
منكفئة فيما تفعل ولا تدري بمن التصقت قدميه بالأرض بالقرب منها وضاعت في جوفه الكلمات حتى انتبهت هي اخيرا لترفع رأسها فتقابل ببريقها الأخضر بندقيتيه فتنتفض پذعر نحو عبائتها المبتلة تضعها عليها متمتمة بارتباك
ابتلع هو كي يعود لصوابه فخرجت كلماته بدون ترتيب ورغم انه يعرفها
انتي مين
اضطربت بحرج تلف شعرها بعشوائية قبل ان تغطيه بالحجاب لتطرق وتبتبلع ريقها بصعوبة
انا بهجة الجليسة الجديدة للهانم الكبيرة سيادتك.
انا بس كنت بنضف من شوية الاطباق اللي دلقتها نجوان هانم.
تجاهل كل استرسالها وركز على شيء واحد اسمها
غير منتبها لوضعه وقد اثار بتحديقه بها الړعب لترتجف داخلها تود الركض من محلها الى خارج المنزل ليتها ما اطاعت الدادة نبوية.
لابد لها من الذهاب الان وفورا.
انا كدة خلصت اللي عليا استأذن بقى عشان امشي
تمشي تروحي فين انتي عارفة الساعة كام دلوقتي
....يتبع
توقعاتكم للجاي مع ابطالنا
وعن امنية تفتكروا سعادتها هتستمر
تعليق وصغطة ع النجمة بقى عشان ترفعوا الرواية وتتشاف
الفصل الرابع
تمشي تروحي فين انتي عارفة الساعة كام د لوقتي
تطلعت اليه ببعض الارتباك والتشتت تجيبه بسجيتها
عادي يعني هشوف اي وسيلة مواصلات نقل عام واركب فيها مش مشكلة.
ضاقت عينيه باستنكار
هي ايه اللي مش مشكلة الساعة دلوقتي داخلة على اتناشر.
_ يانهار اسود.
هتفت بها بعفوية اثارت تسليته لتلقي بنظرها نحو شاشة هاتفها الرديء فتاكدت لتلطم بكفها على وجنتها مرددة بجزع
انا خدني الوقت ومحسيتش بنفسي مع الهانم هي دادة نبوية مجتش ليه دي كانت مواعداني هتيجي احداشر بالكتير ازاي قدرت تعمل فيا المقلب ده.
تحدث بابتسامة لم يخفيها رغم ادعاءه الرزانة امامها
الدادة كلت حلو مع الجماعة قرايب بنتها وللأسف داخت وتعبت من مجهود العزومة هي بلغتني انها مش هتقدر تيجي النهاردة لأنها حاولت تتصل بيكي بس للأسف تليفونك كان بيرن معاها عالفاضي.
اطرقت رأسها بشرود وخرج صوتها ببحة مزجت مابين الخۏف والحزن
ربنا يشفيها يارب خلاص بقى انا همشي دلوقتي وهبقى اتصل بيها اما اروح اطمن عليها عن اذنك يافندم.
قالتها وماهمت بأن تتحرك حتى أجفلها بنبرته الحازمة
بقولك ماينفعش تخرجي دلوقتي الساعة داخلة على اتناشر انتي بتفهمي ازاي
برقت عينيها فجأة برفض وڠضب لانفعاله الغير مبرر لتكبت بصعوبة داخلها عدم الرد بشيء لايعجبه حتى لو اضطرت لخسران وظيفتها هذا شيء قد اعتادت عليه
حضرتك متشغلش نفسك انا بعرف اتصرف كويس اوي.
لاحت على جانب فمه ابتسامة لم تفهمها ليرد ببرود وعيناه تلاحق تفاصيلها بجرأة تثير الأستفزاز.
ماشي يابهجة انا عارف انك سبع رجالة في بعض لكن برضو انا ما يخلصنيش ومستعد اوصلك بنفسي.
لأ.
خرجت منها سريعا وبدون تردد لتثير اندهاشه أكثر بفعلها
قصدي يعني اني مش عايزة ازعجك يا فندم لأني عارفة طريقي كويس وبعرف اتصرف عن اذنك والف شكر على زوقك.
قالتها ثم الټفت على الفور متخذة طريقها نحو الخروج لاتعطي له بالا ليفتر فاهه من خلفها مفتوحا بذهول ثم يتحول لابتسامة متسعة فيتناول هاتفه ثم يتصل على احد الاشخاص
ايوة يا علي اسمعني كويس.
بخطوات ثابتة خرجت من المنزل الضخم متخذة طريقها نحو الباب الحديدي ثم الشارع ولتلقى بعد ذلك حظها فى البحث عن وسيلة تقلها رغم الړعب الذي يتغلغل داخلها في العودة الى منزلها في هذه الساعة المتأخرة من المساء وهواجس تدور برأسها حول نوعية البشر المضطرة أن ترافقهم حتى تصل الى وجهتها لتتضرع داخلها وتناجي الله القوة.
الان وقد خرجت من محيط المنزل والحراس التي تحاوطه تجول عيناها بالشارع الفسيح وقد خلى من السيارات والمارة الا قليلا
تجسر نفسها في السير نحو وجهتها وقد اصبحت وحيدة لا تملك الا ايمانها في مواجهة المخاطر.
عديها على خير يارب.
صارت تتمتم بها ومجموعة من الادعية والايات الحافظة حتى تفاجأت باضاءة قوية لإحدى السيارات تأتي في مواجهتها لتضطر هي للأفساح لمرورها وكانت المفاجأة حينما اكتشفت هوية السائق والذي تعرفه من توصيله الدائم للدادة نبوية ليطل برأسه وشعره الابيض بابتسامة مشاكسة يخاطبها
جايلك قلب ترجعي لوحدك في نص الليالي يا بهجة.
ضحكت باضطراب تهدئ من ضربات قلبها المتسارعة في ردها للرجل العجوز
عم علي... خضتني حرام عليك افتكرتك واحد غريب وبتعاكس.
بصراحة انا لو غريب وشوفت واحدة حلوة كدة في الشارع لازم اعاكسها .
قالها العم علي بمشاكسة لتسهم بنظرها اليه حتى جعلته يضحك بملىء فمه ليتابع بمرح
انتي لسة هتنحي ياللا تعالي يا بت اركبي معايا اوصلك في طريقي.
ترددت باعتراض
ماا بلاش يا عم علي العربية مش بتاعتك .
هتف بها حازما دون يختفي منه المرح
بلا بتاعتي بلا بتاعة غيري رياض باشا اساسا هو اللي أمرني.
رياض باشا هو اللي أمرك
تمتمت بها بعدم تصديق ليأمرها هو
انتي لسة هتسألي اخلصي يا بهجة خليني انا كمان ارجع بيتنا واريح انام يلا.....
اضطرت تحت إلحاحه ان تزعن لتنضم معه في الكرسي الخلفي بارتباك منها حتى جعله يعلق بمرح
يعني كدة بقيت انا السواق بتاعك والله تستاهليها.
وختم ضاحكا ليظل مستمرا بأحاديثه معها كي يخفف من توترها حتى وصل بها الى مدخل الحارة وقد كان في انتظارهم شقيقها بعدما اتصلت به وابلغته بعودتها.
هااا اطمنت على حبيبة القلب انها رجعت.
تهكمت اسراء بالكلمات نحو زوجها الذي انتفض متحفزا فور رؤيته لطيف غريمتها على مدخل الحارة بصحبة شقيقها الذي هبط عزيمته في الخروج واستقبالها موبخا تأخرها حتى هذا الوقت.
وتأتي الان زوجته لتزيد عليه وقد فهمت ما يدور برأسه
راجعة مع اخوها يعني ملكش حجة تتعرضلها.
حدجها بنظرة ڼارية لم تأبه بها لتتابع بعدم اكتراث
قوم يا اخويا قوم نام في فرشتك احسن وافتكر ان وراك شغل في الوكالة بدل ما انت مضيع وقتك في الفكر ع اللي راح والحزن ع الاطلال.
زمجر غاضبا يكاد ان يفتك بها
يا بنت ال.... غوري يا اسراء بدل ما اخليها عشيتك الليلادي انا مش ناقصك.
بابتسامة شامتة علقت وهي تغادر من امامه
لا وعلى ايه انت حر.
قالتها واختفت من أمامه ليعلق في اثرها
فرحانة فيا يا بت الجزمة ماشي.
ادار رأسه للناحية الأخرى مغمغما بتوعد نحو المتمردة ابنة عمه
وانت كمان يا بهجة برضو حسابك عسير عشان تبطلي تروحي وتيجي على كيفك.
في اليوم التالي
استيقظت بهجة على اتصال هاتفي برقم غريب لترد بصوت ناعس مستفسرة
الوو.... مين معايا.
انا يا بهجة.
وصلها الصوت الرجالي ذو البحة المميزة لتنتفض بجزعها تفتح اجفانها على وسعهم فتبتلع ريقها مرددة بارتباك
انت مين يا فندم
للمرة الثانية تسأله بعدم تركيز وهو يجاهد الحفاظ على جديته
انا رياض الحكيم يا بهجة.
حينما ظلت على صمتها وقد اصابتها الصدمة بالخرس تابع بتسلية
شكلك كدة صاحية من النوم ومش مركزة ع العموم انا هبعتلك عم علي يجي ياخدك بالعربية تحلي محل الدادة النهاردة لانها تعبانة.
دادة مين
تساءلت بها وكأن عقلها لم يعد يعمل ليتابع بصبر ليس من شيمه شارحا لها وقد اصبح الامر يروقه
قولتلك دادة نبوية اللي تعبانة انا خارج دلوقتي ورايح على شغلي الهانم متتسابش لوحدها واياكي تسهي عنها.
قالها وانهي المكالمة على الفور لتتطلع هي لفترة من الوقت بشاشة الهاتف لتتدارك متسائلة بجزع
نهار اسود طب وشغلي في المصنع مين اللي هيشيله انا اتصل بنبوية دلوقتي ولا الريسة صباح دا ايه الربكة دي يا ربي على اول الصبح.
وفي مكان اخر
حيث كانت بين زهورها تمر عليهم بدلو الماء لتسقيهم وتراعيهم وصوت المذياع يصدح بأغاني الزمن الجميل ليتفق مع مزاجها الرائق وهي تردد خلفهم بما تحفظه حتى اجفلها صوت الشجار المعتاد في هذا الوقت .
اتلمي يا لينا واتقي شړي على اول الصبح بدل ما اطلعهم عليكي انا مش شايف قدامي اساسا دلوقتى.
وان ما اتلميتش يا امين هتعمل ايه انا بقى مشتاقة اشوفهم اللي انت عايز تطلعهم دول.
توقفت مجيدة عما تفعل لتغمغم بعدم فهم لهذان المعتوهان
نهار اسود هو ايه اللي يطلعهم وهي عايزة تشوفهم هي العيال دي مخها ضړب ولا ايه
تحركت على الفور خارجة من الشرفة اليهم لتجد ابنها ېهدد بقبضته نحو هذه المچنونة
يا بنتي اتاخري عني وبلاش تستفزيني قلم واحد بس مني هيطيرلك صف ضروسك كلهم.
تخصرت امامه بتحدي
طب وريني هتطيرلي صف اسناني ازاي يا امين انا قدامك اهو .
يا لهوي عليا.
تمتمت بها مجيدة قبل ان تصل اليهما وتقف حاجز بين ابنها وزوجته والتي صارت تزيحها بخفة لتبتعد للخلف.
اخزي الشيطان يا حبيبي وابعد عنها كدة دي حامل واحنا مش ناقصين.
تلقف قولها ليصيح بغضبه
ما هو دا اوس المشكلة يا