لمن القرار للكاتبة سهام صادق
حتى انهت حديثها مع جسار العزيز وقد فهم من نهاية حديثهم أن جسار يخبرها بأن تبتعد عن الأمر حتى تهدء الأمور وبسمة سوف تحادثها
انتفخت اوداجه وهو يستمع إلى تنهيدتها القوية ورغما عنه كان يضغط على أزرار المصعد بقوة
قلبي مش مطمن عليها وجسار قالي بلاش تيجي اسكندريه دلوقتي ليعرف فتحي طريقها
وإيه كمان
جسار باشا طبعا بطل مغوار
هتف عبارته بعدما توقف المصعد فطالعته لتدرك أنه يكاد أن ينفجر بوجهها.. ورغما عنها كانت تبتسم داخلها رسلان يتمالك شعوره كرجلا حتى لا تسئ الأمور بينهم.
تقدمت أمامه بدلال لا تعرف لما تفعله.. ولكن رؤية حنقه يجعلها تشعر بالنصر وبأنوثتها وهي تراه يضبط نفسه بصعوبة من أجلها
والصدمة الكبرى كانت أمامه وهو يفتح باب الشقه ويرى والدته وخالته وقد فهم سبب وجود سائق والدته وحارسها الشخصي
اتسعت عينين ملك وهي ترى كلتاهما والصغار أمامهم يلعبون باشياءهم وناهد
________________________________________
خاصة من تلاعبهم في صمت ووجه شاحب.
تتهدت كاميليا أسفه وهي تطالعهم تبرر لهم موقفها وقد انسابت دموعها في ألم
خالتك تعبانه يا رسلان ديه اختي مقدرش اكون قاسيه عليها واشوفها بتترجاني اجيبها عندك
وطالعت ملك التي اڼهارت فوق أحد المقاعد بعدما علمت بمرض ناهد وقد هزمها المړض
أنا عارفه يا ملك إننا عملنا فيكي حاجات كتير وحشه حرمناكم من بعض بس أنت مش زينا ولا قلبك قاسې.. ناهد السړطان تمكن في جسمها ومبقاش فاضل كتير
مۏت مها خلاها متتمناش حاجة غير المۏت..أنا مش قادرة أصدق إن كل ده بيحصل لينا
خرج صوتها مجهدا تنظر نحو نظرات رسلان الجامدة إليها يشك بالأمر ولكن كاميليا قطعت شكوكه وهي تخرج له بضعة أوراق وتحاليل من المشفى تضعها أمامه
لو فاكر إني بعمل تمثيلية عليك فالتحاليل والتقارير الطبية قدامك يا دكتور
من حقها تفضل جانب احفادها..
واردفت بمرارة
في يوم من الأيام هي ربتني حتى لو محبتنيش بس كان ليها فضل عليا
اڼصدمت ملامح كاميليا من حديثها وسرعان ما كانت تبكي حسرة وندما وتقترب منها
كانت خير من يعلم أن ناهد كانت شديدة التعلق ب مها فقد ذاقت مرارة التفرقة ونبذة حتى لا تأخذ ما رسمته ناهد لابنتها
ولو يعلم المرء أنه لا ينال من الدنيا إلا ما هو مقدر له لترك كل شئ يأتي إليه بسلام.
تنهد رسلان وهو يطالعها فكلما أراد أن يقنع قلبه بالتخلي.. كان يغرق أكثر في حبها.. مازالت ملك خاصته كما هي بريئة حنونه وذو عقل صلد لا يعرف ما يريده
تركت لهم الغرفة وقد غامت ملامحها بالحزن وهي ترى ناهد جالسة أرضا تلاعب الصغار وقد ركض الصغار إليها يهتفون لها
ماما
انحنت ملك نحوهم تحملهم وعيناها لا تفارق عينين ناهد الحزينة
حبايب ماما وحشتوني أوي
والصغار بين ذراعيها ومتعلقين بعنقها يخبروها إنهم يريدون طعامهم
والصورة التي تمنت أن ترى ناهد فيها أبنتها يوما كانت ترى فيها ملك التي سعت بكل الطرق لحرمانها مما ارادته لابنتها
غادر رسلان هو الأخر الغرفة وخلفه كاميليا ودون أن يهتم بأحد كان يتجه نحو ملك وصغاره يداعبهم مازحا
وبابا فين من كل ده ولا مامتكم ليها الاحضان والحب وأنا بره الحسبه
حملهم عنها يداعبهم بحديثه والصغار يمنحوه ذلك الحب الذي حرم نفسه منه يوما
دمعت عينين ناهد بحسرة وكذلك كاميليا ولكن كاميليا كانت تبكي سعادة
لقد تغيرت حياة أبنها وأحفادها
وملك لم تكن غافلة عن نظراتهم التي تفهمها كان قلبها يؤلمها ولكنها كانت تتغلب على حقدها نحوهم فمن ترعاهم هم أبناء شقيقتها شقيقتها التي كانت ضحېة لأحلام ناهد
..
صعدت السيارة بحماس بعدما أنهت دروسها بالجامعة وقد نالت معدل عالي في تلك المادة التي ساعدها في دراستها
هنروح المؤسسة يا هانم سليم بيه منبه عليا اخدك هناك
تلاشي حماسها لتنظر نحو السائق بتوتر صحيح أن سليم أخبرها أن تذهب لهناك ذلك اليوم الذي أتت فيه شهيرة وخربت لها سعادتها ولكنها تمنعت عن الذهاب فهي في النهاية ستغادر حياته عندما يكتشف خطأه بالزواج منها
او كما قالت لها شهيرة سيكون قد أشبع رغبته كحال الكثير من الرجال.
تعالا رنين هاتفها باسمه فهو منذ رحلة سفره لم يحادثها.. توترت وهي تضع الهاتف فوق اذنها تستمع إليه
وحشتيني
همس عبارته باستكانه سلبت قلبها لتسبل اهدابها بخجل وقد تضرجت وجنتيها بالحمرة
طبعا مدام متصلتش بيكي ف أنت مكنتيش هتاخدي الخطوة ديه
ارتبكت من حديثه وبتلك النبرة التي يحادثها بها وكأن لا شئ قد حدث
أصل
ابتسم وهو يتسطح فوق فراشه مرهقا من كثرة أعماله يسمعها
خديجة يعني
تنهد وهو يتذكر ما علم به وقد أخبرته به السيدة ألفت
فتون السواق هياخدك المؤسسة.. وحازم هيحطك وسط زمايل ليكي جاين يتدربوا فتون لازم تختلطي أكتر مع الناس وتفهمي أزاي تعرفي تواجهي
ورغم الشكوك التي اقټحمت فؤادها بعدما تجاوز حديثه عن خديجة وفعلت شهيرة إلا أن إصراره في منحها فرصة نحو مستقبلها كان يشعرها بالامتنان إليه فمن أهتم لامرها من قبل لا أحد إلا هو
بس حازم عارفني وعارف أنا كنت إيه زمان
هتفت عبارتها بمرارة فهذا الصديق تتذكره تماما وتتذكر لقاءها به وكيف عاملها تلك الليلة التي طلبت فيها مساعدته حينا مرض هو.
ضحك وهو يستمع إلى تذمرها الطفولي ورغم إداركه إنها لا تريد إقتحام عالمه بسبب الماضي إلا إنه كان يصر نحو ذلك
لا مټخافيش من حازم أنا اه موصي عليكي في تدريبك لكن كمعاملة محدش يقدر يجي عليكي ولا يزعلك أنت زوجة سليم النجار
شعور لأول مرة تجربه شعور له متعة وهي تسمعه.. رفرف قلبها وقد عاد هذا الرجل يغزو كيانها مجددا شعر بتخبطها فقرر إنهاء محادثتهم حتى لا يجعلها تتخبط أكثر
حببتي مضطر اقفل دلوقتي لكن هكلمك بليل اطمن عملتي إيه
ضمت الهاتف إليها ومازالت دقات قلبها تدق كالطبول اغمضت عينيها قليلا ولكن سرعان ما كانت تفتحهما وهي تستمع للسائق
وصلنا يا هانم
تعلقت عينيها بالبناية التي تشغل مساحة في إحدى المناطق الراقية لم تكن شاهقة الأرتفاع فهي عبارة عن طابقين ولكنها كما سمعت من أحمس أن لها سيط كبير ومن يحصل على تدريب فيها يكون قد خطي أول خطواته نحو مستقبله وليته يحصل على فرصة كهذه وهذا ما ستطلبه من سليم حين يعود.
ترجلت من السيارة وقد عاد إليها شعور الخۏف من هذا الوسط الذي دخلت إليه من قبل مجرد زوجة سائق وخادمة صغيرة.. ومع كل خطوة من خطواتها كانت رهبتها تزداد إلى أن أصبحت في الداخل.
التفتت حولها وهي تظن أن الأعين عليها وكأنهم يشيرون نحوها ويتحدثون عنها ولكن الكل كان مشغول في عمله
ابتسمت وهي تنظر نحو ملابسها فهي لم تعد تشعر بأقليتها وسط الناس ف سليم لا يحرمها من شئ بل يغدق عليها بالكثير.
نفضت رأسها وهي تشعر بالحنق من حالها فقد عادت فتون الصغيرة تعد محاسنه وقد تناسي قلبها إنه يحصل على مقابل كل هذا وهي تسلم له جسدها كل ليلة يريدها بها.
رسمت ابتسامة يتخللها التوتر واقتربت من إحدى الموظفات تخبرها عن موعدها مع السيد حازمبخصوص تدريبها
ممكن اسم حضرتك يا فندم
فتون
وقبل أن ترى الموظفه هل لديها بيانات عنها كان حازم يقترب منها مرحبا
أهلا يا فتون المؤسسة كلها نورت بيكي
تعجبت الموظفه من ترحيب رئيسهم وما زادها دهشه وهي تستمع لاسم سليم صاحب الأكبر نصيب وسلطة في هنا ولكنه لم يعد يهتم بعمل المحاماه إلا إنها استمعت إنه كان يتصف بالدهاء والمكر
سليم اللي مبقاش يتصل بيا هريني اتصالات فتون وصلت فتون استلمت تدريبها
اشار إليها برفقته يتحدث معها ببساطة ادهشتها.. شعر بنظراتها المستغربة إليه فتنحنح حرجا
أنا عارف إن لقائنا زمان مكنش أد كده
واردف وهو يقف في المساحة الواسعة التي تضم عدد من المحامين الزملاء والمتدربين
دول زمايلك يا
________________________________________
ستي
ونظر إليهم يخبرهم ببساطة
أنضم ليكم فرد جديد ومش أي فرد
انتبه الجالسين وبعض الواقفين لحديث رئيسهم وقبل أن يردف بشئ أخر أسرعت في همسه بصوت خاڤت
بلاش يا استاذ حازم
لكن سليم
تعلقت عيناها به راجية
لو عرفوا إني مراته المعامله هتتغير وأنا عايزه اكون فرد زيهم من غير تميز
ولأول مرة حازم
يكتشف نظرته في الناس خاطئة لقد ظن إنها مجرد طامعة مستغلة اماء برأسه وعاد يطالع موظفينه يجلي حنجرته وتمتم مازحا
استاذه فتون لسا طالبه في الكلية ويمكن لأول مرة المؤسسة تسمح لانضمام الطلبة ومش هيكون اكيد اخر مره لازم نشجع الشباب
القى عبارته الأخيرة وهو يصفق بيديه بتلك الحركة التي اعتادوا عليها منه حينا يريد إنهاء حديثه
يلا يا شباب نرجع لشغلنا والقضايا بتاعتنا
وبالفعل بدء الجميع بالتحرك فأشار هو نحو فتون
ابدأي اكتشفي المكان وزمايلك ومكتبي الكل عارفه
واخفض صوته
ربنا يستر من ردة فعل سليم لما يعرف إن عرفتك ليهم مش زي ما هو عايز
ورغما عنها كانت تضحك على طريقة حديثه المذعورة إذا علم سليم برغبتها
بسمة بسمة تعالي شوفي الزباين
هرولت بسمة نحو الطاولة التي أشار إليها السيد صدقي ذلك الرجل العجوز ذو القلب الطيب
دونت الطلبات بابتسامة هادئة تسأل الجالس
أي أوامر تانية يا فندم
شكرا
وهكذا كان عملها طيلة اليومين منذ أن جاء بها جسار لهنا
تنهدت بأرهاق عندما اتي موعد راحتها تنظر نحو زميليها وهم يتناول طعامهم
الشغل النهاردة كان كتير اوي الواحد رجله وجعته من الخدمة
استمع السيد صدقي لحديث سميرة العامله
ما تقولي ماشاء الله يا سميرة
واقترب العجوز منهم وجلس يتناول معهم الطعام
فهتفت سميرة حرجا من سماعه حديثها
مش قصدي يا حاج
الصراحه ده وش بسمة الحلو علينا
هتف بها العجوز وهو يطالع بسمة التي اطرقت عينيها نحو طبقها وكما مدحها العجوز كان يمدحها زميلها ماجد هو الاخر مما أزاد حنق سميرة نحوها
اه والله يا حاج ياريتها كانت اشتغلت من زمان هنا
وبسمة تزداد خجلا من مديحهم ولكن تلك الجلسة التي يملئها البهجة لم تستمر طويلا وصوت أحدهم يعلو بالمكان
تهللت اسارير سميرة سعادة وهي تستمع لصوت عنتر عكس السيد صدقي الذي شعر بالضيق لمجئ وحيده الذي جعله يكره الأبوة ويكره تلك الساعة التي انجبه فيها
هو ماله المطعم فاضي كده ليه
ونظر نحو وجه بسمة
عندنا وجه جديد في المطعم مش كنت تقولي يا حاج
وطالع ماجد الذي اخذ يتناول طعامه دون اهتمام لوجوده ثم نظر نحو سميرة غامزا إليها وقد تلاشي عبوسها سريعا بعدما أبعد انظاره