حلم بقلم سارة مجدي
بداء ينتشر فى كل مكان كذلك الظلام الموجود داخل قلبه
من يوم خرج من عند الطبيبة تخبره أنه غير قادر على الإنجاب أغمض عينيه يتذكر حواره مع الطبيبة
خير التحاليل كويسة مش كده
تركت الطبيبة الأوراق من يديها و نظرت إليه بوجه غير مفسر ثم قالت
تحاليل مدام نوار كلها سليمة و مفيهاش أى مشكلة
أبتسم و هو يقول بسعادة
صمتت الطبيبة قليلا ليشعر أن هناك شىء ما قطب بين حاجبيه و هو يسأل من جديد
التحاليل بتاعتي يا دكتورة
أخذت نفس عميق ثم عدلت من حجابها و قالت بأسف
شوف يا أستاذ غسان حضرتك عندك تشوه فى الحيوانات المنوية كمان عددهم أقل من المعدل الطبيعي بكتير جدا أنا آسفه بسحضرتك متقدرش تخلف
أيوه يعني أنا عندي مشكلة و محتاجة علاج
ثم قال بحماس
مفيش مشكلة مستعد أخد أى دوا أو لو حتى محتاج عملية كمان معنديش مشكلة
هزت الطبيبة رأسها بلا ثم قالت موضحة بأسف
للأسف يا أستاذ غسان مفيش علاج ينفع مع حضرتك النسبه إللى موجودة قدامى أقل بكتير بكتير جدا على إننا نشتغل عليهاعلشان تزيد
أحنى بنعمل التحاليل علشان نتأكد من سلامة الحيوانات المنوية و كمان عددها و نسبة التشوه و للأسف نسبة التشوه واصله تقريبا ل١٠٠٪و عددهم أقل من ١٠٪ بأختصار حضرتك عقيم و بشكل تفصيلي أكثر عدد الحيوانات المنوية المنخفض هو أقل من 15 مليون منالحيوانات المنوية لكل ملليلتر من السائل المنوي أو أقل من 39 مليون لكل قڈف و النسبة الموضحة فى تحليل حضرتك أقل من كده بكتير وكمان يجب أن تكون الحيوانات المنوية فعالة وقادرة على الحركة إذا كانت حركة الحيوانات المنوية أو فعاليتها غير طبيعية فلن يكون الحيوانالمنوي قادرا على الوصول إلى بويضة و الحيوانات المنوية فى تحليل حضرتك مصابه بتشوه كامل بنسبة ١٠٠٪ أنا آسفه بس مفيش أمل
لأ لأ مش هيحصل أبدا مقدرش أخسرها مقدرش
نظر حوله ليكتشف أنه قد أبتعد كثيرا عن عيادة الطبيبة و عن المكان الذى ترك فيه سيارته أوقف سيارة أجرة حتى تعيده إلى سيارته وعقله يرتب الأفكار ماذا سيقول لها هل يخبرها أن العيب منها و أنه سوف يبقي عليها معه لأنه يحبها أم يخبرها أن لا مشاكلصحية لديهم و إن الأمر متروك للوقت و إيرادة الله
عاد من أفكاره على إحساسه بتلك الدمعات الساخنة التى تسيل فوق وجنتيه ليشهق بصوت عالي و هو ينظر إلى السرير الذي يجمعهميوميا و اليوم خالي منها
أنا آسف يا نوار آسف آسف
الفصل التاسع من سقر عشقي حلم
جالسه فى منتصف سريرها ممدده قدميها أمامها سارحة غير واعية بنظراته التى تتفحصها بقلق
يعلم جيدا أن عقلها سارح فى كل ما حدث مع أختها الصغيرة
و كيف سقطت أرضا من على درجات السلم دون أن يرف جفن لوالدها الذى شاهد سقوطها بكل ډم بارد
أخذ نفس عميق و هو يقترب منها برفق و جلس أمامها لتنتبه له حين بدء فى تدليك قدميها بطريقة إحترافية و مميزة و هو يقول بحب
أنا بحب أنفذ و عدي لكن من الواضح كده أنت اللى عايزه تهربي
لم تستطع الإبتسامه على كلماته لكن سقطت تلك الدمعة الحبيسة داخل عينيها من وقت غادرت المستشفى ترك قدميها و أقترب منها يحتويهابين ذراعيه و قال بهدوء
عارف إن كل إللى حصل صعب على أى حد يستوعبه و يفهمه بس أيه الجديد فى تصرفات عمي هو عمره ما فكر فى حد و لا شغل بالهبحد المفروض يا حبيبتي بدل ما تفكرى فى إللى حصل و تزعلي تفكري إزاى نقف جمب حلم و نخرجها من دايرة الماضي و كل الأحداثالصعبة إللى حصلت إزاى نقدر نخليها تعيش حياتها
صمت لعدة ثواني ثم قال بصوت هادىء تغلغل إلى عقلها و روحها و وصل إلى قلبها
إحنا كلنا محتاجين ننسى عمى أحمد و ننسى تصرفاته و وجوده أحنا محتاجين نقفل بيبان الماضي علشان نعرف نعيش الحاضر ونرتب لمستقبلنا
رفعت عيونها إليه التى تحمل حزن ينحر قلبه دون رحمه ليبتسم لها بحنان و كأنه أب ينظر بحنان كبير إلى طفلته الصغيرة الحزينة علىفقدان دميتها المفضلة
يعدها أن يأتي لها بأفضل منها يمسك بيديها يضمها إلى صدره بحركة حماية و دعم لتضع رأسها من جديد على كتفه و أغمضت عينيهاو هى تهمس ببعض الكلمات الذى لم يتبين منها سوى
الماضي لعڼة هيطولنا كلنا
شعر بأنقباض بقلبه و كأنه لا يستطيع التنفس و لا يجد هواء حوله يتسطيع تنفسه
فى صباح اليوم التالي دلفت الطبية النفسية إلى غرفة حلم التى تجلس صامته تماما تنظر إلى النافذة الكبيرة تتابع تلك السحب البيضاءالكبيرة التى تملىء السماء و تخبىء خلفها زرقة السماء و صفائها غير شاعره بمن معها فى الغرفة و لا بدخول الطبيبة
جلست الطبيبة أمامها لعدة دقائق صامته لم تنظر لها حلم و لا يبدوا على وجهها أنها تعلم بوجودها من الأساس
قالت الطبيبة بصوت هادىء
إزيك النهاردة يا حلم
لم تتحرك حلم و لم يظهر على وجهها اي معالم تدل على أنها سمعتها و قبل أن تعيد الطبيبة كلماتها نظرت لها حلم و قالت
كويسة
طيب الحمد لله تسمحيلي نتكلم شوية مع بعض
قالت الطبيبة كلماتها بابتسامة بشوشه مريحة إلى النفس لتبتسم حلم إبتسامة حزينة صغيرة و قالت
اه ممكن و هو فيه فى أيدى حاجة تانية غير الكلام
أعتدلت فى جلستها و قربت وجهها من الطبيبة و هى تقول
أنا مش محتاجة أتكلم علشان أنسى الماضي أنا الماضي عايش الحاضر و عمره ما ماټ و لا خلص نقدر نتكلم و أقولك على كلإللى بحس بيه و إللى بفكر فيه بس لا أنت و لا أخواتي و لا أى حد قادر يشيل الكره إللى جوه قلبي لأب عمره ما حبني عمره مكانراجل حقيقي لأمى أو لأخواتي أو ليا عمره مكان مصدر أمان طول عمره هو الشىء الوحيد السىء فى حياتي العلامة السودة إللىشوهت صورة الحياة فى عيوني
أبتسمت بسخرية و
هى تكمل
أمحى الماضي رجعى أمى غيري أبويا وقتها أنا هخف زى ما أنتوا عايزين
كانت الطبيبة تستمع إليها بصمت عيونها ثابتة على تعبير وجه حلم الذى يرتسم عليه التقزز وقت ذكر والدها و ترتسم ضحكه لطيفة حينتذكر والدتها و ظلام حالك داخل عينيها حين تتحدث عن المستقبل و الحياة أنها حالة صعبة و تصل إلى حد أنها ميؤس منها طالما هىترفض العلاج
ظل الأثنان ينظران إلى بعضهم بصمت حتى عادت حلم تنظر إلى السماء من جديد عبر شباك غرفتها لتقف الطبيبة و توجهت إلى الباب وقبل أن تفتحه نظرت إلى حلم و قالت
محدش فينا بيختار أبوه و أمه و أخواته بس الإنسان فى إيده يختار حياته يغيرها و يبدلها زى ما هو عايز و يحقق رغباته كلها الحياةمره واحده بس يا حلم و لازم تتعاش بلاش تبقي ضعيفة كسرى قيود روحك و شوفي راحتك فين و أرتاحي
لم تنظر إليها و لم تحرك ساكنا لتفتح الطبيبة الباب و غادرت لتنظر حلم إلى الباب و أنحدرت تلك الدمعة ثم عادت بنظرها إلى السماء و هىتقول
نفسي أرتاح
قبل ذلك بقليل وصل غسان إلى المستشفى ليجدهم يجلسون بالخارج شعر ببعض القلق و أقترب سريعا من نوار التى تسند رأسها إلىالحائط و مغمضة العينين جلس جوارها وهو يقول
مالك يا نوار حلم فيها حاجة
فتحت عيونها تنظر إليه و قالت بإبتسامة صغيرة
أنا كويسة الدكتورة النفسية مع حلم علشان كده قاعدين هنا
نظر حوله و قال باستفهام
أمى فين
أعتدلت فى جلستها و قالت
نزلت الكافيتريا تجيب قهوة و راغب راح يصلي
أومىء بتفهم و عم الصمت عليهم لعدة دقائق كان هو يحتضن كف يديها بين يديه
لتقول هى بأبتسامة متوسله
غسان هو ينفع و إحنا هنا نكشف مره تانية مش يمكن يكون فى علاج تاني
أخفض عينيه ينظر أرضا و الذنب يعود ليؤنبه من جديد لكنه قال
حاضر يا نوار هنروح لدكتورة تانية بس نطمن على حلم
أومئت بنعم و هى تقول
إللى تشوفه يا غسان
طاعتها هدؤها نظرات الأحترام و التقدير العشق الواضح فى عيونها و الحب الكبير الذي تكنه له يزيد من ألم قلبه و يزيد من تأنيب ضميره و أحتقاره لنفسه
مر بعض الوقت فى صمت
عادت رقيه و معها قهوة لها و لنوار جلست جوار غسان تطمئن منه على البيت و على والده و جده
حين غادرت الطبيبة وقف الجميع أمامها فى نفس اللحظة التى أقترب فيها راغب منهم يسأل بأهتمام
خير يا دكتور
نظرت الطبيبة لهم بأسف و حركت رأسها يمينا و يسارا بيأس
للأسف الحالة رافضه أى تدخل الحالات إللي زي دى الطب بيقف قدامها عاجز طول ما المړيض رافض أنه يعترف أنه محتاج مساعدة
خيم الصمت