قلبي وعيناك والأيام بقلم رحاب ابراهيم
جوزتها لأبني الكبير كمال وخلفوا جاسر ويوسف وبنت صغيرة كانت لسه رضيعة ...وريما جوزتها لأبني التاني صلاح وخلفوا رعد وآسر جاسر الكبير فيهم وبعدين رعد..وآسر ويوسف...... قالت سمر بنظرات مشفقة على العجوز المسكين _ وبعدين ... تنهد الجد في تنهيدة ثقيلة... وقال بنبرة ملؤها الألم _ بعد جوازهم بكام سنة قرروا يسافروا لندن في أجازه يشوفوا أصحابهم هناك...ولادي الاتنين سافروا معاهم...كانت سفرية لأيام قليلة... عشان كده سابوا أحفادي إلا الطفلة..امها مقدرتش تسيبها فخدتها معاها ....الطيارة وقعت بيهم في البحر...الله يرحمهم كلهم.. حوقلت الممرضة سمر بعطف ورثاء.... ثم صمتت عن أي أسئلة... فقال الجد بنظرة حزن شديدة _ خاېف يكون ده ذنب أبني مصطفى من قسۏتي عليه ...تفتكري ده عقاپ كانت نظرته تتوسل الإجابة... فقالت الفتاة برقة _ ده قضاء وقدر...كل واحدة مكتوبله ھيموت أمتى وفين...ما تعذبش نفسك .... تابعت لتغير هذا الموضوع المأساوي ...فقالت _ في حاجة غريبة والكل مستغرب ليها....حضرتك ليه خليت كل احفادك دكاترة ...... دي صدفة ولا كانت إرادتك في الأساس حتى أبن حضرتك دكتور وجيه ..دكتور .....! تقبل الجد تغيير مجرى الحديث برضا ثم أجاب وعادت تلك اللمحة المرحة بحديثه _ بصي ...أنا مش هكدب علي كتكوته زيك ...أنا في شبابي كنت فاشل..ما بحبش الدراسة ولا الشغل حتى ! كملت تعليمي بالعافية لحد الثانوية....والدي كانت مكانته كبيرة.... وكان عار أن ابنه يكون واخد الثانوية بس! خصوصا أني كنت الوحيد على بنتين....كان دايما بيقارني بشباب العيلة اللي بقى مهندس واللي بقى دكتور واللي واللي...بس أكتر واحد قارني بيه كان أبن عمي الكبير...دكتور ممدوح الزيان الله يرحمه بقا.... فهمت سمر الأمر فقالت _ آآه....يعني عوضت اللي ما حققتوش في أحفادك مش كده أجاب الجد بتوضيح أكثر _ مش بس كده... خۏفت يتقالهم زي ما كان بيتقالي ويطلعوا معقدين....يمكن خلتهم كده بسبب عقدتي..مش أنت مكسوفة تقوليلي أني معقد قال ذلك بابتسامة فضحكت سمر قائلة بمرح _ دايما كاشفني كده....! تحدث الجد بنبرة ضاحكة _ كنت معقد من كل شيء إلا الحسناوات... رددت سمر بابتسامة واستغراب _ حسناوات!! والله أنت راقي جدا يا جدو....دول دلوقتي بيقولوا علينا نسوان وغفر ! أطلق الجد ضحكة من فمه الذي ينتشر حوله الشعر الأبيض ثم قال بنبرة تحمل الفكاهة _ رجالة الزمن ده مايعرفوش حاجة عن الإتيكيت واللباقة...بقى في حد يقول على نعمة ربنا غفر .... ولما يدلعها يقولها يا بت !!! ده جدك كان عليه واحدة تسمحيلي يا مودمزيل تهز قلب أجمل بنت في مصر....البنات كانت بتعشقني.... وضعت سمر يدها على فمها لتكتم ضحكات من حديثه... مرت ثلاث ساعات بين الحديث والتذكر وتدوين ما يقوله الجد الطيب...الذي يبدو أن قسوته ما كانت إلا غطاء عقدته القديمة.... وقف الشباب الأربعة بغرفة الجد الكبيرة والتي تضم أثاث كلاسيكي ولكنه فخم رغم ذلك... وأنظارهم تقف على العجوز الممدد على الفراش وينظر للممرضة بابتسامة مشاكسة..... حتى قال الجد رشدي لها بمزاح ليغيظهم _ سنك كام يا كتكوته لأ قوليلي اسمك الأول مط جاسر شفتيه بسخرية وقال _ أصغر من أحفادك الأربعة يا زعيم الجدود....اسمها سمر خطيبة دكتور زميلنا....خطيبة إيه دكتور زميلنا...يارب ما تنسى تاني... كتمت الممرضة سمر ضحكتها من نظرة العجوز الغاضبة لأحفاده عندما هتف قائلا _ أنا بهزر معاها مالك أنت! هي السكر دي تتنسي ! وبعدين أنت بتتكلم ليه يا شامبو ! لما اسمحلك أبقى اتكلم ... نطق يوسف بابتسامة وقال بمحبة وبعض المرح _ أخبار صحتك إيه دلوقتي يا جدي طمنا على أمعائك.. أجاب الجد بنظرة ثابته على يوسف _ أنا بخير يا يوسف أنت اللي فيهم يا بلوتوث يا موصلي أخبارهم القڈرة يا حبيبي... زفر رعد بتعجب وتساءل _ ليه بتقصد تقلل مننا ! عندك هيموجلوبين التهزيق لينا مرتفع ليه! ... خرجت الممرضة سمر من الغرفة وتركتهم .... تكلم جاسر كي يغيظ جده _ على فكرة بقا...اللي بيهزقني البنات بتكرهه.. تطلع الجد به بثقة وقال بمكر بغمزته المعروفة والتواء رقبته بشكل مضحك _ تكره مين يا شامبو أنت ! جدك ده
نوبل في خطڤ قلوب ملكات جمال المعادي يا جربان... نطق جاسر بضحكة ساخرة _ ده كان القرن الماضي...وبعدين من شابه جده فما ظلم...طالعلك في كل حذفوره من حذافيرك يا رشدي باشا.... توجه إليه الحفيد الرابع آسر محاولا تلطيف الأجواء وجلس بجواره على الفراش قائلا _ صحتك بتتحسن الحمد لله...بس بلاش سجاير عشان خاطري... هتف الجد بعصبية وهو ينفض عنه غطاء السرير _ اسمها سېجار يا جاهل دكتور بس لسه حمار... قال جاسر بابتسامة خبيثة _ مش موجود غير سجاير وفرط كمان السېجار أنقرض من سنة ١٩٨٠....إيه رأيك يا جدي زم الجد شفتيه بغيظ... وقال متراجعا عن نبرة الثقة بحديثه _ زي بعضه