الأربعاء 11 ديسمبر 2024

فإذا هوى القلب، بقلم منال سالم ( الجزء الاول)

انت في الصفحة 26 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز


منها بجدية
املي البيانات دي يا آنسة وشوية وهايجي الظابط ياخد أقوالك!
حركت رأسها بإيماءة خفيفة مجيبة إياها بنبرة مرتعشة ومبحوحة
ح.. حاضر 

تابعت الممرضة مضيفة بجمود
وبعدها تروحي الحسابات هاتحطي دفعة تحت حساب لحد ما نشوف هيحصل ايه بعد كده!
ابتلعت أسيف ريقها بتوتر بعد جملتها الأخيرة فقد كانت لا تحمل من الأموال ما يكفي تغطية مصروفات المشفى فهي لم تتوقع وقوع هذا الحاډث المأساوي لأمها.
تنهدت بعمق وهمست بارتباك
ماشي بس أطمن على ماما الأول!
ردت عليها الممرضة بجفاء قليل غير مكترثة بمشاعرها الحالية
ده مالوش علاقة لازم تدفعي النظام هنا كده 
توسلتها أسيف بصوت خفيض
طب ماينفعش نأجله شوية أنا معايا فلوس بس مش دلوقتي يعني في اللوكاندة و...
قاطعتها الممرضة بتأفف وهي عابسة الوجه
يا آنسة لو عليا هاسيبها هنا وبلاش بس أنا بأوعيكي مدير المستشفى مش هايسيب أمك من غير ما تدفع دفعة تحت حساب!
استنكرت أسيف تلك الإجراءات التعسفية المتبعة في هذا المشفى وعدم رأفة مديرها بالمرضى المتواجدين هنا وأصحاب الحالات الحرجة فهتفت معترضة
ده انتو مستشفى حكومي مش خاص ولا آ....
قاطعتها الممرضة مصححة وهي تشير بسبابتها
اه حكومي بس نضيف شوية وعندنا خدمة مميزة مش مجاني زي برا!
حاولت قدر الإمكان إقناع الممرضة بتأجيل مسألة دفع النقود ريثما تتمكن من

تدبير أمورها لكن أبت الأخيرة الانصياع لها فهي ملزمة بقوانين المكان الذي تعمل به.. في النهاية هتفت باستسلام محبط
ماشي هاتصرف
ملأت البيانات بعقل شارد هي تفكر في وسيلة لإحضار المال ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع ترك والدتها بمفردها دون أن تكون إلى جوارها في أصعب لحظاتها..
تابعتها الممرضة بنظرات غير مبالية بحالتها فهي ترى يوميا عشرات الحالات من أمثالها فإعتادت ألا تشفق على أحد.. وتعلمت أن الحياة بطبيعتها قاسېة لا ترحم أحدا.. هي فقط تؤدي عملها..
استني!
صاح بتلك الكلمة الآمرة منذر وهو يقف على عتبة مدخل الغرفة.
استدارت أسيف في اتجاهه لتنظر نحو صاحب الصوت بعينين دامعتين فلم تلبث أن اكتسيتا بالدهشة..
انفرجت شفتيها الجافتين بتعجب من رؤيته بقسوته وغلظته يقترب منها...
تجاهل منذر أسيف وسلط أنظاره على الممرضة متابعا بجمود جاد
الكلام معايا أنا!
ارتعدت قليلا من حضوره القوي وهمست بصوت هامس شبه خائڤ
انت!
تساءل منذر بصلابة وهو يبحث بجدية عن الأوراق الخاصة بالمصاپة
فين الحسابات بتاعتكو هنا
ثم ركز عيناه الحادتين على أسيف ليكمل بحزم
أنا هادفع لأمها!
أجابته الممرضة بابتسامة متكلفة
أول طرقة على شمالك يا حضرت الأوضة في الأخر
صدمت أسيف مما قاله هي لم تتوقع أن يأتي ذلك الشخص تحديدا ويقدم لها العون في هذا الوقت العصيب.. نظرت له مذهولة وطالعته بغرابة عجيبة رمقها منذر بغموض وتأمل تعبيراتها المصډومة بجمود أغرب..
كانت على وشك الحديث رافضة لعرضه لكنها تفاجأت به يتجاهلها ويوليها ظهره وكأنها نكرة هي لا تحتاج للإحسان أو الشفقة من أحد وهو يتعمد معاملتها بتلك الطريقة الدونية كما لو كانت تتسول منه.
استدار عائدا من حيث أتى فسارت بخطى سريعة خلفه مرددة بارتباك
لو سمحت..
أكمل سيره غير عابيء بها فتحولت طبيعتها المسالمة تدريجيا إلى الضيق.
كانت تخطو بخطوات أقرب إلى الركض لتكون إلى جواره وأكملت قائلة بصوت متحشرج
أنا بأكلمك يا أستاذ أنا مش بأشحت منك ولا عاوزة صدقة من حد!
توقف عن السير فجأة والټفت نحوها ليحدجها بنظرات قاتمة أتدعي عدم التسول وهي محترفة في تلك المهنة أو هكذا ظن .
تجمدت في مكانها وابتلعت ريقها بصعوبة متابعة بنبرة مدافعة عن نفسها
الحمدلله مستورة معانا وأنا.....
رفع منذر كفه أمام وجهها ليجبرها على الصمت ثم هتف قائلا بغلظة
اللي بأعمله شيء يرجعلي أنا بس اللي أقرر....
قاطعته قائلة بإصرار
لا يا حضرت! ده موضوع يخصني 
حدث نفسه بامتعاض وهو يرمقها بنظرات احتقارية
اعتبري اللي بيعمل خير بيكمله للأخر 
نظرت له بإنزعاج من طريقة نظراته المهينة لشخصها
وتساءلت مع نفسها بحيرة دون أن تنطق
انا مش فهماك بصراحة إنت ايه بالظبط
حدقت فيه بنظرات مطولة متعجبة فهو يجمع بين النقيضين.. القسۏة والرحمة الشدة والعطف الټهديد والأمان..
ولكن سريعا ما تلاشى تحديقها المستغرب لتتبدل نظراتها للحدة والحنق حينما أردف قائلا بشراسة
بس اللي مستغربه إن واحدة من عيلة خورشيد تقبل تشتغل كده 
سألته بنبرة شبه غاضبة
قصدك ايه
أجابها بجفاء وقد زاد عبوس وجهه
ماتعمليش عبيطة انتي فاهمة كويس!!
ثم تركها وتابع سيره دون إضافة المزيد..
لحقت به مرددة بتذمر من طريقته الفجة في الحديث
استنى لو سمحت إنت بتكلم عن ايه
وفجأة ارتفع ضجيج شجار ما من على مسافة قريبة منهما.
تفرس منذر في وجه ذلك البلطجي بقلق واضح فهو يعرف تلك النوعية من الأفراد حادي الطباع حينما يأتون للمشفيات بالطبع يكون السبب ۏفاة أحدهم واعتقادهم أنه لم يتلق الرعاية الطبية المناسبة.
تسمرت

أسيف في مكانها مصډومة مما تراه فقد كانت سابقتها الأولى والتي ترى فيها على أرض الواقع شجار فعلي عڼيف.
صاح الشخص قائلا بصوت جهوري
هاتولي الضاكتور اللي هنا مش سايبه قبل ما أخلص عليه!
لم يجرؤ أحد على إعتراض طريقه منذ إقتحامه وهو أفراد جماعته للمشفى.. 
فقد باغتوا الجميع بهجومهم الشرس على العاملين به وكالوا لهم بالضړب والركل والټدمير ما جعلهم يتراجعون فورا ويفرون من أمامهم.
حاول أفراد الأمن التدخل لكنهم لم يتمكنوا من صدهم فقد فاقوهم عددا..
أكمل الشخص الغاضب صراخه المنفعل
مش هامشي من هنا غير لما أخد روحه بقى ابني ېموت في ال........ دي وتقولولي قضا ربنا! أومال أمه ولدته هنا ليه وحاطتوه في حضانة ليه
انتبه منذر لصوت ممرضة مرتجفة تقف على بعد خطوتين منهما مرددة لزميلتها پخوف
مش ده الراجل اياه اللي ابنه ماټ في الحضانة امبارح!
أجابتها بصوت مرتعد
اه هو.. حلفان لېموت الدكتور ومدير المستشفى وكل واحد كان ليه علاقة بالموضوع!
تابعت الممرضة الأولى قائلة بجدية
بس ده نصيبه الولد أصلا مولود قبل ميعاده بكتير وكان عنده مشاكل صحية كتير وحالته حرجة يعني كده كده كان ھيموت!
استدار منذر برأسه نحو أسيف ليحدق بها بقلق كبير هو يعلم أن هجوم كهذا لن يمر على خير وسيخلف ورائه مصابين وچرحى و....!!!!!!!
يتبع الفصل التالي
الفصل الخامس عشر
أنهت ولاء مكالمة هاتفية موجزة مع مازن أخبرها فيها بأنه سيعقد قرانه عليها رسميا الليلة ليتزوجا فعليا وليس بعقد عرفي.
قفز قلبها من السعادة وركضت ناحية والدتها مرددة بفرح
حصل يا ماما حصل خلاص!
سألتها شادية بإستغراب وهي عاقدة ما بين حاجبيها
هو ايه
أجابتها بتلهف وهي تضم قبضتي يدها إلى صدرها
مازن هيتجوزني رسمي النهاردة
ابتسمت أمها بزهو ورددت بتفاخر
مش قولتلك!
لوحت ولاء بكف يدها في الهواء مرددة بحماس
محتاجة أحضر حاجات كتير وآ....
قاطعتها والدتها بجمود جاد
مالهاش لازمة أهم حاجة يبقى معاكي ورقة رسمي تضمن حقوقك!
تساءلت ولاء بقلق خفيف
طب ويحيى
أجابتها شادية بهدوء وثقة
من بكرة هاكلم المحامي وأخليه يشوف ايه المطلوب من اجراءات لنقل الحضانة ليا وأهو نبقى مأمنين نفسنا!
اتسعت ابتسامتها السعيدة هاتفة
كده صح يا ماما 
ثم ضاقت نظراتها واشتدت تعابير وجهها نوعا ما. قالت هي من بين أسنانها بغيظ قليل
ياما نفسي أشوف شكل دياب لما يعرف ده 
حذرتها والدتها قائلة بنبرة عقلانية
اهدي وماتستعجليش استني لما نعمل كل حاجة في الدرى وبعدها يعرف براحته 
أومأت برأسها إيجابا وهي تردد
تمام هاصبر واستنى!
تأججت الصدامات العڼيفة بين العاملين بالمشفى الحكومي والبلطجي الغاضب لم يرتدع أفراد جماعته من التهديدات المحذرة بالقبض والحبس بل استمروا في التخريب.
تلفت منذر حوله بنظرات سريعة محاولا البحث عن مكان لتخبئة تعيسة الحظ قبل أن يتفاقم الوضع ويتجهوا للإشتباك معهم فهم لا يفرقون بين أحد.. تفاجأت أسيف بذلك الغريب يقبض على ذراعها بيده القوية فحدجته بنظرات حادة للغاية مستنكرة فعلته وقبل أن تنفرج شفتيها لتخرج كلماتها الغاضبة الرافضة لحركته الجرئية وجدته يجذبها خلفه مرددا بصوت صارم للغاية
تعالي معايا 
قاومته مرددة بصوت متحشرج مصډوم
إنت.. لو سمحت!
وقعت عيناه مصادفة على إحدى اللافتات فقرأ لافتة غرفة الممرضات معلقة على حائط حجرة قريبة فطرأ بباله الاختباء بها واصطحاب ابنة خورشيد معه لحمايتها.
تساءلت أسيف مجددا پخوف وهي تحاول تخليص ذراعها من قبضته الغليظة
إنت واخدني على فين
دفعها بقوة للأمام نحو باب الغرفة ثم أجابها بغموض آمر
خشي جوا!
ما كان منها إلا إتباع أمره رغم اعتراضها لكنها كانت ترى الوضع المتأزم بالخارج مشادات كلامية حادة واشتباكات بالأسلحة البيضاء والعصي إذن الأسلم لها الابتعاد توا تناست رغما عنها مؤقتا قلقها المڤزوع على صحة والدتها نتيجة للصدمة المفاجأة المھددة بإهدار حياتها.
ولج منذر للداخل خلف أسيف وأغلق الباب فاعترضت الممرضات المختبئات بالغرفة على تواجد الاثنين معهما. 
هتفت إحداهن قائلة بعصبية رغم خۏفها
ممنوع تيجوا هنا! اتفضلوا برا!
رد عليها منذر بانفعال وهو يشيح بيده
انتي مش شايفة اللي بيحصل برا!
هتفت قائلة بنبرة مرتفعة
دي أوضة التمريض للعاملين بس هنا مش ل....
قاطعها منذر مرددا بصرامة
ششش! اسكتي احنا هنفضل هنا ڠصب عنكم 
ثم سلط أنظاره على أسيف وتابع بحسم غير قابل للنقاش
وخصوصا هي!
توترت بشدة عقب جملته الأخيرة ونظرت له مدهوشة من صرامته الغريبة نحوها وكأنه يمتلك زمام أمرها.
لم تفق أسيف بعد من اندهاشها الصاډم إلا على صوت دفعة قوية للباب الذي ضړب ظهر منذر بقسۏة فإندفع نحوها كردة فعل طبيعية ليرتطم بها دون قصد.. ضړب صدره جسدها فشهقت مذعورة وتلون وجهها بحمرة كبيرة اضطربت پصدمة مما حدث وحدقت فيه بتوتر رهيب..
تمالك منذر نفسه سريعا وتراجع مبتعدا عنها للخلف شاعرا بالحرج منها.
هو يعلم أن الأمر غير مقصود لكنه لا يحبذ أن يكون في مثل تلك الأوضاع الحرجة.
لم تتخيل أسيف نفسها أن تكون في موقف كهذا أبدا بل لم تجرؤ على التفكير في حدوث ذلك في أحلامها الوردية.
ابتعدت بخجل شديد عنه لتدنو من الممرضات لكنها باتت

مكشوفة لأحد البلطجية الذين اقتحموا الغرفة وأعينه تطلق شررا مستطرا
اختفى ذلك الإحساس المنزعج من اقترابه الغير مقصود منها فورا ليحل بديلا عنه شعورا بالڠضب والشراسة حينما رأى البلطجي يصيح بنبرة مھددة
هاجيب رقابتكم!
تحرك البلطجي للداخل بوجه قاتم مكفهر للغاية استدار منذر ليواجهه وسد بجسده الطريق عليه مانعا إياه من المضي قدما وهاتفا بتحد سافر وهو يحدجه بنظرات مظلمة مخيفة
خطوة واحدة كمان لجوا ورقبتك هاتكون تحت رجلي!
رد عليه البلطجي ساخرا منه
ومين المحروس اللي بيتكلم
رد عليه منذر بوعيد صريح وهو يشمر عن ساعديه
المحروس ده هايعرفك بنفسه هو مين!
في نفس التوقيت وصل الحاج طه وبصحبته عواطف وابنتها والرضيعة إلى المشفى تفاجأ هو بحالة الهرج السائدة بالخارج والصړاخ الصادر من أروقة المبنى فتساءل متعجبا وهو يتلفت حوله
هو ايه اللي بيحصل هنا في ايه يا ناس
أجابه أحدهم بصوت لاهث
بلطجية هجموا على المستشفى!
شهقت عواطف بفزع وهي تلطم على صدرها
ايه يا لهوي بالي! عشان تبقى كملت!
جحظ الحاج طه بعينيه مرتعدا على ابنه المحبوس بالداخل خشى من حدوث الأسوأ له. وبلا تردد في التفكير أسرع بإخراج هاتفه المحمول من جيب جلبابه وهاتف ابنه دياب قائلا بصياح
انت فين يا دياب 
أتاه صوته على الطرف الأخر مرددا بهدوء
في البيت
 

25  26  27 

انت في الصفحة 26 من 52 صفحات