جوازة نت بقلم منى لطفي
الأريكة حيث وضعت وسادة وغطاء ابتسم وهو ينظر اليها وهي توليه ظهرها مصطنعة النوم وهو يعلم جيدا أنها ليست نائمة اقترب منها ومال فوقها فاضطربت أنفاسها فيما أغلقت عينيها بقوة همس لها في أذنها وهو يمد يده
عينيكي هتتفعص من كتر ما إنتي مغمضاهم بالشكل دا عن إذنك قطبت في حيرة وهي لا تزال مغمضة عينيها مما جعله يبتسم فهي لا تعلم عن أي شيء يعتذر حتى شعرت بشيء يسحب بقوة من تحت رأسها فتحت عينيها واسعا بدهشة فقد سحب وسادتها من تحتها قال ببراءة مصطنعه
تحدثت بحدة وهى تزحف الى الناحية الاخرى بعيدا عنه
خد المخدة اللي تعجبك وسيبني أنام
ليفاجئها سيف بسؤاله فيما يقف مشرفا عليها
انتي ليه ما حكيتليش على اللي كانت أمي بتعمله أو بتقوله ليكي
تسمرت منة في مكانها ثم تساءلت بوجل وريبة
حاجات ايه اللي مامتك عملتها عاوزني أحكيهالك
مد يده وأدارها ناحيته ومال عليها قائلا
اضطربت منة قليلا ولكنها حاولت التماسك وقالت وهي تحاول الهروب من نظراته القوية التي تتفرس فيها
مين اللي قالك الكلام الغريب دا ماحصلش قاطعها سيف بحزم
أنا سمعتكم انهرده يا منة شهقت منة بدهشة وقالت بتلعثم طفيف في حين أصبح عقلها يعمل كالمكوك لتتذكر الحديث الذي دار بينها وبين حماتها وعما إذا كان سيف قد سمع كلما دار بينهما أم لا
أيوة يا منة أنا سمعت أمي وهي بتعتذر لك على الكلام اللي كانت بتقوله في حقك وإنى أبويا هو اللي كان بيمنعها عنك وأنا يا منة أنا فين من دا كله مش المفروض كنت أنا اللي أعرف علشان أنا جوزك المفروض ما أخليش حد يضايقك خالص
ابتسمت منة باستخفاف وأجابت
إنت قلتها يا سيف دي أمك يعني ما كانش ينفع أني احطك بيني أنا وهي لأنك مهما حصل مش هتخسر والدتك وكنت هتبقى بين نارين ترضيني ولا ترضيها وأنا كنت بحاول أحط نفسي مكانها يعني والدتك ست بسيطة وانت ابنها الوحيد ومن حقها حسب المجتمع اللي هي اتلابت فيه انها تحلم بولد لأبنها يشيل اسم العيلة دا كان بيخليني أقدر أعذرها وبعدين عمي ربنا يشفيه كان دايما مش بيسمح لها أنها تزود في الكلام معايا وأديك سمعتها في الآخر وهي بتراضيني وتطيب خاطري كفاية عليا كدا لكن لو كنت قلت لك ما كنتش هكسب غير عداوتها ليا أكتر وأكتر وتعيش في حيرة بيني وبينها اختيار ما أقبلش أني أحطط قودامه الأم مهما كان الأم
تصبحي على خير يا أحلى حاجه في حياة سيف يا عمري كله إنتي وابتعد ليرقد فوق الأريكة وقد أولاها وجهه لينظر اليها حتى داعب الكرى جفونه فغرق عميقا في النوم بينما تقلبت هي مرارا قبل أن يغلبها النوم هي الأخرى
اغتسلت منة وأبدلت ثيابها ثم خرجت لتتفقد ابنتيها فوجدتهما بالاسفل مع أولاد عماتهما يلبعان ألقت تحية الصباح على حماتها التي أمرت بتحضير طعام الفطور لها قبل الذهاب لزيارة زوجها فقد أعلمتها والسرور يعتلي ملامحها أنه قد تم نقله الى غرفة خاصة بعد أن استقرت حالته الصحية
تتحسن صحته تماما ويبدأ الدواء الجديد الذي تم وصفه بإعطاء النتيجة المرجوة منه
كانت منة تذهب اليه
يوميا في الصباح الباكر حيث تظل برفقته الى موعد انتهاء الزيارة الصباحية فتعود الى المنزل لتغتسل وتبدل ثيابها وتطمئن على بناتها ثم ترجع ثانية بصحبة سيف في موعد الزيارة المسائية
دار حوار طويل بين سيف ووالده صعق سيف عندما أخبره والده بما أخبرته منة قال بجدية
مرتك جالت إنه مافيش حاجه حوصلت واصل من الحديت اللي احنا سمعناه ديه مش عارف ليه مش إمصدج لكن يكون في معلومك يا سيف لو ظهر انه الكلام بحج وحجيج وجتها حسابك معايا هيكون عسير جوي
تدخلت منة محاولة تلطيف الأجواء بينما عقد سيف جبينه متنقلا بنظراته بين والده ومنة في ريبة فهو لم يفهم قصد والده من كلامه أن منة قد أنكرت ما سمعه قالت منة محاولة تلطيف الاجواء
أنا قلت لحضرتك يا حاج صدقني مافيش حاجه من دي حصلت نظر اليها سيف مصعوقا بينما سألها عبدالهادي
أكيد يا بتي مالكيش صالح بصحتي أنا أدرى بنفسي من الحكما لو كان ضايجك أو عمل اللي احنا سمعناه جوليلي وأني أعرف شغلي أمعاه
ابتسمت منة وقالت وهي تجلس على طرف فراش عبدالهادي
يعني أزعل منك يا حاج انت مصر تكذبني ليه
نفى عبدالهادي بشدة وقال
لاه لاه لاه مش بكذبك لا سمح الله أني بس عاوز أتوكد أنك مش بتاجي على نفسك علشاني حجك أني جادر أخده ولو من ابني نفسه انما طالما أنتي أكدتي لي بدال المرة عشر انه ما حوصلش حاجه يبجي ما حوصلش حاجه ومنعم زوج أختك سلمى حسابه عاندي آنا لما أجوم بالسلامة ان شاء الله هلففه حوالين نفسه علشان بس يشوف ضوفر حد من عياله ولا مرته
لم يستطع سيف الانفراد بمنة بعد حديثه مع والده بل أنه أنغلق على نفسه واستأذن مغادرا تاركا منة برفقة والده على أن يرجع اليها ليعودا سوية
كان الطبيب المعالج يمدح منة دائما ودائما ما كان يقول لعبدالهادي أنه محظوظ بوجود إبنة مثلها بجواره لم يهتم عبدالهادي بإيضاح أنها ليست ابنته بل زوجة ابنه حتى كان يوم
دخلت منة وسيف وبعد أن ألقيا السلام على عبدالهادي تحدث عبدالهادي بصوت ضاحك
سيف ايه رأيك في الدكتور مصطفى اللي متابع حالتي تحدث سيف الذي جلس على كرسي بجوار فراش والده بينما كانت منة تقوم بتنسيق الزهور التى ابتاعتها من المتجر في طريقهما الى المشفى
الدكتور مصطفى ممتاز انما بتسأل ليه يا حاج
أجاب عبدالهادي بابتسامة مكر تعلو ملامحه
أصله عنده ولد دكتور زييه إكده ثم وجه حديثه الى منة متابعا
الدكتور نبيل انت شوفتيه يا منة يا بتي
اقتربت منة من عمها الراقد فوق الفراش ووقفت مستندة إلى حاجز الفراش المعدني وقالت بابتسامة
ايوة صحيح يا حاج يوم القسطرة الدكتور نبيل كان مع الدكتور مصطفى دا أنسان ممتاز بصراحه كان شايفنا كلنا قلقانين على حضرتك ازاي وفضل معانا ما سابناش الا لما اطمنا على حضرتك بصراحه دكتور بيشوف شغله بمنتهى الاخلاص زي والده الدكتور مصطفى تمام يا ريت الدكاترة تعرف ان الطب مهنة كلها رحمة مش تجارة
لم يستسغ سيف قصيدة المدح التي ألقتها منة في حق هذا الطبيب ووالده والټفت الى عبدالهادي متسائلا
انما أنت بتسأل ليه يا حاج
أجاب الحاج بصوت ضاحك
أصله بصراحه حوصل لخبطة الدكتور مصطفى كان فاكر منة بتي وأني ما جاتش مناسبة إني أجوله أنها مرت ولدي لكن لاجيت أني كنت غلطان بعد اللي حوصل انهرده الصبح
عقدت منة ذراعيها وطالعته بابتسامة وهي تقول
وايه اللي حصل انهرده الصبح يا حاج
ليجيب الحاج بمرح
جالك عريس الدكتور مصطفى طلب يدك لولده الدكتور نبيل واضح إكده ان الدكتور نبيل مستعجل جوي عاوز يعرف ردك بأي طريجة انهارده ديه ما سابليش فرصة أني أجوله أنك مرت ولدي
هب سيف واقفا وهو يهتف صارخا
نعم بينما اعتلت الدهشة ملامح
منة التي أنزلت ذراعيها وقالت بصوت خاڤت مذهول
أزاي دا يا عمي الحاج حضرتك عاوز تقول أنه جالي عريس وحضرتك ما قولتلوش أنى متجوزة ابنك
تحدث سيف صارخا ناظرا اليها پغضب أسود
إيه جاي لي عريس دي أنتي التانية ثم الټفت الى والده متابعا بحنق
ازاي يا حاج ما تعرفهومش أن منة مراتي
قال عبدالهادي وهو يحاول تهدئة ولده
يا سيف يا بني إهدى مش إكده أنا صحيح ما جولتش للدكتور نبيل لأنه ما أدانيش الفرصة إني أجوله لكن أنا جولت ل بوه الدكتور مصطفى وهو اعتذر من سوء التفاهم ديه وخلاص ما حوصلش حاجه
لزعابيب أمشير اللي إنت عاملها دي
تحدث سيف محاولا تمالك نفسه بينما داخله بركان يوشك على الانفجار فيكفيه ما يعانيه من حرمان من نعمة القرب منها فهو لا ينام أكثر من ساعتين كل ليلة تصاحبه فيها أحلام تجعله يصحو منتفضا لتطالعه هيئتها وهي نائمة فوق الفراش براحة لا يشعر بمقدار عشرها ولا يطفيء ناره المستعرة التي تأكل أحشائه سوى حمام بارد حتى أنه أصبح لا يعلم كم عدد الحمامات الباردة التي يضطر الى أخذها كل ليلة حتى يسقط في النوم من شدة الارهاق ولا يدوم نومه أكثر من ساعتين يستيقظ على إثرها ليغادر الغرفة وكأنه يفر من شيء يركض خلفه وأقربها ما حدث اليوم صباحا أثناء خروجه من الغرفة اذ حانت منه التفاتة الى الفراش لتطالعه منة وهي تنام بمنتهى الراحة وقد انحسر الثوب الى أعلى ساقيها مما جعله يشعر پالدم الساخن وهو يهدر بقوة في عروقه ومد يدا ترتعش وأعاد الغطاء فوقها ثم سارع الى الحمام الخارجي للاغتسال للمرة التي قد تكون الرابعة في هذه الليلة
تحدث سيف وهو يزفر بقوة
كويس انك قولت له يا حاج عموما أنا شايف ان صحة حضرتك بئيت كويسة ممكن الدكتور يكتب لك خروج وأنا هكلمه على ممرضة كويسة تيجي تباشرك في البيت
استدار ليغادر فهمت منة بالذهاب معه عندما نهرها بنظرة زاجرة وهو يتحدث بحنق من بين أسنانه
أنتي رايحه فين يكون تطلعي بره الاودة دي خطوة واحده انا هروح أكلم الدكتور وأجي سامعاني يا منة اوعي تتكلمي مع حد فاهمه
وانصرف دون أن يسمع جوابها لما أمرها به
خرج عبد الهادي من المشفى وتم الاستعانة بممرضة خاصة للاهتمام بمواعيد تناول الدواء
كان الجميع فرح بعودة الأب الحاني والزوج والسند اليهم ثانية ساعد سيف والده في الذهاب الى غرفته بينما انفض الباقين حيث ذهب كل منهم للاهتمام بشؤونه الخاصة
يا مهجة انتي يا مهجة
صدح صوت رماح الغفير عاليا أتت مهجة سريعا وهي تنهره بقوة
جرالك أيه يا رماح عمال تزعج زي الجاموسة اللي عتولد ليه انت ماتعرفش أن أبويا الحاج بيرتاح في داره
قلب رماح وجهه وقال بأسف
أني جاموسة بتولد الله يسامحك أني كنت